مدونة البوابة

جائحة كورونا والتمويل الأصغر: كيف تساعد الرقمنة في بناء القدرة على الصمود

الرقمنة لها مزايا أكثر من مجرد تحسين احتمالات بقاء مزودي خدمات التمويل الأصغر وقطاع التمويل الأصغر. الصورة من دراغن إمجز.

مع تزايد مخاطر أزمة الملاءة المالية التي تواجه المؤسسات الأصغر حجما في قطاع التمويل الأصغر (مؤسسات المستوى الثاني والثالث)، تدعو سيغاب إلى التنسيق بين واضعي السياسات ومؤسسات التمويل من القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الإنمائي والمانحين للمساعدة في التخفيف من حدة هذا الخطر. وفي إطار هذه الدعوة، سلطت سيغاب الضوء على اتخاذ نهج ضرورة الرقمنة لوضع عملاء التمويل الأصغر في بؤرة الاهتمام. ويرجع ذلك إلى أن الرقمنة لها مزايا أكثر من مجرد تحسين احتمالات بقاء مزودي خدمات التمويل الأصغر وقطاع التمويل الأصغر بشكل عام. وعندما يتم ذلك على نحو صحيح، مع التركيز على خلق قيمة للعملاء، ممن الممكن أيضا تحسين قدرة عملاء مؤسسات التمويل الأصغر على الصمود في وجه الصدمات.

نهج الرقمنة يعظم القيمة لكل من العميل ومقدم الخدمة

يمكن أن يؤدي اتباع نهج الرقمنة التي تحقق قيمة إلى تحسين النتائج الواقعية بالنسبة لمقدمي خدمات التمويل الأصغر من خلال زيادة كفاءتهم ونطاق أعمالهم. وبالنسبة للعملاء، يمكن أن يخلق هذا النهج قيمة بتيسير تكلفة الخدمات المالية وإتاحتها وتوفيرها على نحو ملائم لاحتياجاتهم. ويمكن أن يؤدي هذا النوع من الرقمنة أيضا إلى تحسين سبل الحصول على المنتجات والخدمات المدعومة بالتكنولوجيا واستخدامها.

غلاف تقرير الرقمنة في التمويل الأصغر
يمكنك التعرف على مزيد من المعلومات عن مؤسسة بانكاميا في كولومبيا ومؤسسات التمويل الأصغر الأخرى التي نجحت في الرقمنة، مما خلق قيمة لنفسها ولعملائها. اضغط على الصورة لتنزيل التقرير.

وقد نشرت سيغاب مؤخرا تقريرا مع مجموعة من دراسات الحالة توضح هذا النهج القائم على تحقيق قيمة، فعلى سبيل المثال، اتبعت مؤسسة بانكاميا في كولومبيا نهجا للرقمنة يحقق قيمة ويرتكز على إنجاز "الخدمات المصرفية استنادا إلى علاقات الثقة"، أو فكرة ضرورة بناء الخدمات المصرفية على الثقة وتوفيرها للعملاء في الأسواق الكبيرة. وكانت بانكاميا تعمل بصورة تقليدية من خلال سلسلة من الفروع باهظة التكلفة يعمل في كل منها حوالي 20 شخصا. ومن خلال إنشاء تطبيق يمكّن الموظفين من فتح الحسابات، وإنجاز طلبات القروض، وقبول المدفوعات، والوصول إلى معلومات العملاء على جهاز تابلت، عززت المؤسسة إنتاجية موظفيها التجاريين بنسبة 27٪% وخفضت الوقت اللازم لإنجاز معاملات القروض إلى النصف. وقد سمح ذلك لبانكاميا بالتوسع في المناطق الريفية بفروع أصغر حجما يمكن تشغيلها من جانب أربعة أو خمسة موظفين فقط.

غير أن خلق القيمة لا ينتهي عند مجرد علاقة العمل. ففي الوقت الذي واجه فيه الكثيرون تحديات جائحة كورونا، تمتع العملاء بإمكانية الوصول الأسهل والأسرع إلى الخدمات المالية، إلى جانب خدمة العملاء بصورة شخصية في أماكن أكثر ومن خلال التطبيق الجديد للعملاء. وخلال عام 2020، زاد عدد النساء اللاتي يستخدمن القنوات الرقمية في بانكاميا بنسبة 176%، وارتفعت معاملات النساء بنسبة 227%.

وقامت مؤسسة تمويل أصغر أخرى تم تسليط الضوء عليها في التقرير الصادر بعنوان "مؤسسة أمريت للتمويل الأصغر في كمبوديا" بتحقيق معدلات نمو في برنامج ادخار بقيمة 22 مليون دولار على خلفية برنامج عبر الهاتف المحمول، مما مكن الموظفين من تجميع مبالغ ادخار صغيرة في أثناء زيارات العملاء. وخفضت مؤسسة فينكا إمباكت فينانس تكاليفها وتحسنت إمكانية وصول العملاء إليها من خلال ميكنة وتبسيط إجراءات الموافقة على القروض لنحو 30 ــ 50% من القروض اللاحقة. وشهد صندوق القروض الصغرى للنساء في الأردن انخفاضا بنسبة 17% في الموظفين الإداريين والصرافين في عام 2020 من خلال زيادة استخدام فرع الخدمات السريعة ومبادرات قنوات التوزيع.

على مقدمي خدمات التمويل الأصغر زيادة القيمة بوتيرة سرعة

ومع سعي مقدمي خدمات التمويل الأصغر إلى التصدي لتبعات كورونا، عليهم إيلاء الأولوية للجهود التي تحقق أعلى قيمة ممكنة. ويشمل ذلك تحديد المكاسب سهلة المنال وإيجاد سبل لإدخال تحسينات إضافية على ما تقوم به بالفعل. ومع تقييد آفاق أنشطة الأعمال على أرض الواقع، من الممكن أن تكون الرقمنة إحدى الطرق لتحقيق التحسينات المرجوة.

ولتحقيق الرقمنة على نحو يخلق القيمة بسرعة وكفاءة، يتعين على مقدمي الخدمات أيضا التخلي عن نهجهم التقليدي المتوارث بشأن تنفيذ المشروعات، وهو ما يؤدي في الغالب إلى عدم القدرة على التكيف مع المستجدات وإجراء تغييرات في فترة التحولات. وعلى مقدمي الخدمات اعتماد منهجية مرنة ومكررة من خلالها يحصلون باستمرار على آراء وتقييمات العملاء والعمل وفقها. ومن بشـأن البدء بنهج الحد الأدنى من المنتجات القابلة للاستمرار تمكين مقدمي الخدمات من التركيز على السرعة وتحقيق إمكانية الاستخدام مع التحكم في تكاليف التطوير وضبطها. كما يسهل هذا النهج الأخذ بآراء وملاحظات وتعليقات العملاء لإدخال التحسينات المبكرة على خصائص وسمات المنتجات.

ويمكن للجهات الممولة المساعدة في تسريع وتيرة هذا التحول بتركيز المساندة المقدمة لتدعيم الملاءة المالية على مقدمي خدمات التمويل الأصغر الذين يمكنهم الالتزام بنهج الرقمنة في إطار الحد الأدنى من المنتجات القابلة للاستمرار.

على مقدمي خدمات التمويل الأصغر قياس القيمة المحققة

تحدد دعوة سيغاب إلى التنسيق الخيارات الصعبة التي قد يحتاج المستثمرون إلى اتخاذها بشأن مقدمي خدمات التمويل الأصغر الذين يساندونهم في المستقبل. ويمكن لمقدمي الخدمات المساعدة في تسهيل هذه القرارات من خلال قياس القيمة التي تخلقها الرقمنة لمؤسساتهم وعملائهم. ولن يؤدي وضوح قيمة الحلول الرقمية إلى زيادة ثقة المستثمرين فحسب؛ بل سيساعد أيضا مقدمي خدمات التمويل الأصغر على توضيح خياراتهم للتنمية والتطوير في المستقبل. وتعمل سيغاب حاليا لمساعدة مقدمي الخدمات على تحديد المقاييس المناسبة واعتماد أدوات القياس لتحديد تأثير حلولهم الرقمية على سلوكيات العملاء.

وتتركز جهود سيجاب في هذا المجال على المساعدة في تحديد الرقمنة الناجحة من خلال عرض حالات النجاح وإعادة توجيه مقدمي خدمات التمويل الأصغر لتفادي الأخطاء التي وقع فيها من قبلهم. وتسعى سيجاب أيضا إلى العمل بشكل مباشر مع مقدمي خدمات التمويل الأصغر من خلال مساعدتهم على قياس القيمة وخلق الشفافية اللازمة لتعزيز ثقة جهات التمويل، وتحديد المكاسب سهلة المنال (مثل التجديد الآلي لطلبات القروض والائتمان)، والسعي إلى خلق قيمة إضافية بدلا من الاستغراق في الحلول النظرية.


تأتي هذه المقالة في إطار سلسلة مدونات المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (سيغاب) "الملاءة المالية لمؤسسات التمويل الأصغر في ظل كورونا التي تتناول القضايا الرئيسية المتعلقة بملاءة مقدمي خدمات التمويل الأصغر في خضم جائحة كورونا، وتطرح سبل المضي قدما في هذا القطاع.

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.