مدونة البوابة

ما هو مستقبل اقتصاديات الإتصالات المتنقلة في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا؟

أبرز ما ورد في التقرير الإقليمي الصادر عن الرابطة العالمية للإتصالات المتنقلة في 2019
 Photo by Dries De Schepper, Unsplash

إن قطاع الاتصالات المتنقلة في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا يعتبر واحدا من أكثر المشاهد حيوية وتنوع في العالم. وتمتلك الدول المتقدمة في المنطقة مثل دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا، بعضا من الأسواق الأكثر انتشارا للاتصالات المتنقلة في العالم بنسبة 70% أو أكثر بنهاية عام 2019 ، وذلك بالمقارنة مع المتوسط العالمي البالغ 66%.  ومع ذلك، فإن معدلات انتشار المشتركين الفريدين بالأسواق المبتدئة مثل السودان واليمن لا تزال أقل من 50% ، مما يؤكد حجم التحدّي الذي يواجه تحقيق حصول الجميع على خدمات الاتصالات المتنقلة في تلك البلدان.

إن الاتصالات المتنقلة سوف تظل أداة أساسية للشمول الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبشكل خاص في الأسواق المبتدئة خارج دول مجلس التعاون الخليجي، حيث لا تزال هناك إمكانية محدودة للحصول على أشكال بديلة للاتصال بالإنترنت مثل شبكات النطاق العريض الثابتة. وبحلول نهاية عام 2018، كان هناك ما يقرب من 240 مليون مستخدم نشط  للإنترنت عبر الاتصالات المتنقلة بالمنطقة، مما يمثل 40% من السكان وذلك بالمقارنة مع 29% قبل أربع سنوات. وقد شهدت المنطقة أيضا زيادة في محتوى الإنترنت المرتبط بالمنطقة، بدءا من خدمات الحكومة الإلكترونية ووصولا إلى وسائل الإعلام والترفيه. كما أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي عبر الاتصالات المتنقلة قد زاد عن الضعف بالمنطقة منذ عام 2014 ليصل إلى 44%. وقد ارتفع خلال الفترة نفسها مؤشر الخدمات الحكومية الإلكترونية عبر الإنترنت بنسبة 6% وفقا للأمم المتحدة ، ليصل إلى 56% في عام 2018.

إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد برزت كرائدة على مستوى العالم في الانتقال إلى تقنية الجيل الخامس (5G) ، حيث تم إطلاق 12 شبكة لخدمات الجيل الخامس التجارية في خمس دول من دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2019. وتنظر بعض الحكومات إلى تلك التقنية باعتبارها أداة تمكين محتملة لطموحاتها نحو التحوّل الرقمي. ومن المنتظر أن تلعب تقنية الجيل الخامس دورا مهما في تنفيذ مختلف مبادرات المدن الذكية بالمنطقة، ويقوم العديد من مشغلي الشبكات بالفعل باستكشاف الفرص في القطاعات الرئيسية مثل النقل والصحة والمرافق العامة. وسوف تشهد عشرينات هذا القرن انتشار أنشطة الجيل الخامس على نطاق أوسع في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك مع ما هو متوقع من تجارب وطرح تجاري خلال السنوات القادمة.  ومن المتوقع أيضا أن تمثل تقنية الجيل الخامس 6% من إجمالي الاتصالات المتنقلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول عام 2025.

وفي غضون ذلك، يستمر الاعتماد على تقنية الجيل الرابع (4G) لكي تزداد بوتيرة سريعة.  وهذه التقنية قد تفوقت على تقنية الجيل الثاني (2G) لتصبح ثاني أكثر التقنيات السائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أواخر عام 2018 ، و ي في طريقها لتجاوز استخدام شبكات الجيل الثالث  (3G)باعتبارها التقنية السائدة في المنطقة بحلول عام 2021.  وقد ساعد على ذلك استمرار الاستثمارات التي يقوم بها مشغلو الشبكات في البنية الأساسية لتقنية الجيل الرابع، حيث يتم توفير الأجهزة المزودة بتقنية الجيل الرابع بتكلفة معقولة. واستكمالا للاستثمارات التي يقوم بها مشغلو الشبكات في بعض البلدان ولا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي؛ تتوافر سلسلة من الظروف المساعدة مثل الكمية ونطاق التردد والأسعار من أجل تدعيم سعة شبكة الجيل الرابع وتوسيع نطاق التغطية.  وفي بلدان أخرى خاصة  في الجزائر ومصر والعراق؛ يعتبر توافر الطيف الترددي الفرعي 1 (sub-1 GHz spectrum) من الأمور الضرورية لتحفيز الاستثمار اللازم في البنية الأساسية لتقنية الجيل الرابع بالمناطق الأقل كثافة، وتوسيع نطاق استخدام التكنولوجيا.

النسبة المئوية لإجمالي الاتصالات، GSMA.

إن تقنية الاتصالات المتنقلة بجانب توفيرها للاتصالات؛ تساهم أيضا في توفير فرص العمل والنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ففي عام 2018 ، ساهمت تقنيات  خدمات الهواتف المحمولة بنسبة 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة وهي مساهمة بلغت قيمتها 191 مليار دولار من القيمة الاقتصادية المضافة. كما ساهم النظام الإيكولوجي للاتصالات المتنقلة في دعم مليون وظيفة (بشكل مباشر وغير مباشر)، مع  تقديمه لمساهمة كبيرة في تمويل القطاع العام من خلال تحصيل ما تزيد قيمته قليلا عن 18 مليار دولار من الضرائب. وفي الوقت ذاته، يقوم مشغلو شبكات المحمول مثل الشركة التركية Turkcell بالاستفادة من حلول البيانات الضخمة لمواجهة التحدّيات الاجتماعية مثل الاستجابة للكوارث الطبيعية.

وتمثل المجال الآخر الذي تؤثر فيه تقنيات الاتصالات المتنقلة بشكل كبير في المشهد الناشئ للمدفوعات غير النقدية بالمنطقة.  فقد قامت المملكة العربية السعودية بوضع هدف للدفع الإلكتروني بنسبة 70% بحلول عام 2030 والذي بلغ 18% فقط في عام 2016 ، وذلك كجزء من خطة الإصلاح لرؤية الحكومة لعام 2030، بينما قامت الحكومة في مصر بتوقيع قانون في شهر أبريل/نيسان 2019 ، يفرض استخدام الدفع غير النقدي من قبل الكيانات العامة والخاصة.  وسوف تلعب منصات الاتصالات المتنقلة دورا رئيسيا في تحقيق هذه الأهداف الطموحة. وقد دخل في المنافسة في السنوات الأخيرة، الشركات العالمية لحلول الدفع عبر الاتصالات المتنقلة مثل شركات أبل وجوجل وسامسونج والشركات الناشئة للتكنولوجيا المالية، وهذه الشركات تركز على أسواق المدفوعات الرقمية الأكثر تطورا في دول مجلس التعاون الخليجي.

أما البلدان الأخرى خارج مجلس التعاون الخليجي، فقد شهدت نموا معتدلا لخدمات المعاملات المالية بالاتصالات المتنقلة على مدار السنوات الخمس الماضية. وبحلول نهاية عام 2018 ، كانت هناك 19 خدمة للمعاملات المالية بالاتصالات المتنقلة، مما يوفر حوالي 20 مليون حساب لعملاء نشطين لمدة 90 يوما بالمنطقة. إن المعاملات المالية بالاتصالات المتنقلة لها تأثير اجتماعي كبير في المنطقة من خلال الخدمات التي تستهدف الفئات السكانية المستبعدة ماليا و الضعيفة. كما أن المعاملات المالية بالاتصالات المتنقلة من شأنها توفير وسيلة مريحة وآمنة للعمال المهاجرين لإرسال واستلام الحوالات المالية، ويتم استخدامها بشكل متزايد لرقمنة المساعدات النقدية وإيصالات المساعدة للاجئين والنازحين. و قد قامت مفوضية شؤون اللاجئين في العراق بالشراكة مع "زين كاش" بدعم 120,000 أسرة و30,000 من اللاجئين وذلك من خلال المساعدات النقدية عن طريق المعاملات المالية بالاتصالات المتنقلة. كما تعاونت شركة “Iris Guard” من أجل تسهيل عملية التسجيل وخروج النقدية للاجئين باستخدام القياسات الحيوية القائمة على بصمة العين.

إن مشغلي الاتصالات المتنقلة بالمنطقة مستمرون في الالتزام بالاستثمار في البنية الأساسية والخدمات التي لا غنى عنها من أجل تمكين الاقتصاد الرقمي. وسوف ينفق مشغلو الشبكات بالمنطقة فيما بين عامي 2018 و2025 مصاريف رأسمالية متراكمة تبلغ 85 مليار دولار، يتم إنفاقها بشكل رئيسي على شبكات النطاق العريض المتنقلة. ومع الاتجاه المتنامي للتحول الرقمي في جميع القطاعات، فإن على الحكومات والجهات التنظيمية في المنطقة استكمال هذه الجهود بسياسات تمكينية  للإستمرار في النمو والابتكار في نظام بيئي أوسع للاتصالات المتنقلة.

إقرأ المزيد في التقرير الإقليمي 

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.