هل يمكن للتكنولوجيا المالية والبلوك تشين النهوض بالشمول المالي ؟
إن صناعة التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا تشكل حاليا سوقا بقيمة 2 مليار دولار ومن المتوقع أن يصل نموها السنوي إلى 125 مليون دولار بحلول عام 2022. و يتم القيام باستثمارات من أجل ضمان قدرة القطاع المصرفي على التواصل مع المستهلكين من خلال الابتكارات التكنولوجية في نفس الوقت الذي يتم فيه تمكين المزيد من الأشخاص من الحصول على الخدمات البنكية. ووفقا للمؤشر العالمي للشمول المالي (فيندكس) لعام 2017 ، فإن الحصول على ائتمان بشكل رسمي في العالم العربي هو أقل من نصف المتوسط العالمي؛ مما قد يكون سببا في إعاقة التنمية والنمو الاقتصادي. ولذلك ، فإن حلول التكنولوجيا المالية مثل البلوك تشين، من الممكن أن تقوم بدور محوري في زيادة الشمول المالي حيث أنها تقوم بتوفير حلول للقيود المصرفية التقليدية، مثل التواجد المادي للفروع وإمكانية الوصول إليها. إذن، ما هي تقنية البلوك تشين وكيف يمكن لها أن تساهم في الشمول المالي ؟
اشتهرت تقنية سلسلة الكُتل أو قواعد البيانات المتسلسلة أو البلوكشين أو البلوك تشين Blockchain باستخدامها كنظام تشغيل أساسي للأصول المشفّرة والعملات الإفتراضية مثل البيتكوين Bitcoin وهي عبارة عن تخزين قيمة بين الأقران تسمح بالدفع عبر الإنترنت من طرف إلى آخر مباشرة دون المرور عبر مؤسسة مالية. و قام "ساتوشي ناكاموتو" (وهو اسم مستعار لفرد أو مجموعة غير معرفة) ؛ بإصدار الورقة البيضاء لبيتكوين في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2008 (متوفرة الآن بالعربية أيضا) وأطلق العملة بعدها بعام، لتكون أول من استخدم تقنية السجل الموزع (Distributed Ledger Technology - DLT) كأساس لتقنية البلوك تشين.
إن تقنية البلوك تشين هي عبارة عن نظام لسجل مشفّر غير قابل للتغيير يتم توزيعه عبر شبكة لا مركزية لأجهزة كمبيوتر مستقلة يتم تحديثها في الوقت الفعلي. وينفرد نظام السجل الموزع بأنه يسمح لكل مستخدم أن يبرهن على أن السجل صالح وتم قبوله من قبل الأغلبية على أنه سجل صحيح. وتقوم بالفعل مجموعة كبيرة من الشركات والهيئات الحكومية والمنظمات غير الهادفة للربح ؛ بإستخدام تقنيات البلوك تشين من أجل حل المعوقات المؤسسية بنجاح كبير. إن مزايا البلوك تشين التي تتمثل في الأمان والكفاءة والسرعة؛ قابلة للتطبيق بسهولة في القطاعين العام والخاص، كما أن إمكانات التكنولوجيا تساعد على شرح سبب قيام العديد من الصناعات باستكشاف التطبيقات الخاصة بهذه التقنية مثل: التكنولوجيا المالية وسلاسل التوريد والبنية الأساسية الحيوية والتعليم والبحث العلمي وغيرها. إن الخصائص والمزايا الفريدة لتقنية البلوك تشين تجعلها أداة جذابة لدمج عامة الناس مع منصات البيانات المختلفة في حالات استخدام متعددة وبشكل خاص في الأسواق الناشئة.
البلوك تشين هو نظام قواعد بيانات لا مركزية ذو قدرات حسابية عالية ونظام أمني قوي.
و بالرغم من أن تقنية البلوك تشين لديها القدرة على تغيير الطريقة التي نمارس بها أعمالنا؛ إلا أنها أيضا تواجه تحديات يجب أن نأخذها في الحسبان. إن البيئة القانونية والتنظيمية المحيطة بهذه التقنية لا تزال قيد التطوير وهي معرّضة لضوابط مستقبلية مجهولة. كما أن دمج النظم القديمة لكي تعمل مع تقنية بلوك تشين؛ يتطلب استثمارات كبيرة في تكنولوجيا المعلومات بالإضافة إلى إعادة تدريب القوى العاملة على استخدام النظام الجديد، ونظرا للحداثة النسبية للتكنولوجيا؛ فهناك عدد محدود من المشروعات الجارية التي يتم اختبارها على نطاق واسع مما يعني أنه قد تكون هناك مشكلات أمنية غير معروفة تحتاج إلى القيام بمعالجتها.
تقوم تقنية البلوك تشين في القطاع المالي بتسهيل الخدمات والمعاملات بسبب قدرتها على حفظ سجلات لمعاملات صاحب الحساب في سجل غير قابل للتغيير، وكذلك فإنها توفر مصدرا متعمقا للبيانات لتشغيل الحلول الحسابية بشكل أفضل. فعلى سبيل المثال يمكن استخدام التقنية لتحديد مبالغ القروض وشروطها وأسعار الفائدة الخاصة بها. كما يمكن أن تساعد في تقييم الجدارة الائتمانية وتوزيع القروض؛ وذلك من شأنه تخفيض الوقت والتكلفة للمؤسسات المالية، كما أنه يقلل من المخاطر التشغيلية. وقد أعلنت مؤخرا شركة آي بي إم IBM شراكتها مع شركة CULedger من أجل إنشاء منصة ذاتية السيادة لتحديد الهويّة للاتحادات الائتمانية من أجل تسهيل توثيق وامتثال الهويّة عبر الاتحادات الائتمانية مما يتيح الفرصة لها بتقديم خدمات للأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الحصول على الخدمات المالية. إن هذه الشراكة قد تؤدي في النهاية إلى تطوير أول مشروع جاري لتقييم الجدارة الائتمانية للقروض وتوزيعها.
وكما تم الإشارة إليه أعلاه ، توجد طفرة حديثة للتكنولوجيا المالية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث توجد غالبية الشركات الناشئة (3 من أصل 4) في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن أو مصر؛ إلا أن الإمارات العربية المتحدة تحتل الصدارة. فقد أنشأ مركز دبي المالي العالمي برنامج خلية التكنولوجيا المالية Fintech Hive وهو مسرّع لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة التي تستهدف الحلول المبتكرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد تمت الشراكة مع العديد من البنوك مثل بنك أبو ظبي الإسلامي وبنك الإمارات دبي الوطني وبنك أبو ظبي الأول وبنك الرياض وبنك ستاندرد تشارترد. ومن الأمثلة الأخرى للشركات الناشئة Ajar Online والتي تسمح للمستخدمين لمنصتهم بدفع الإيجار عبر تطبيق للهاتف المحمول وقامت بإنشاء شراكة مع البنك الأهلي المتحد و بنك وربة، كما توجد شركة فوو FOO وهي شركة ناشئة تتخذ من بيروت مقرا لها وتوفر حلولا رقمية للقطاع المالي وكانت أول من يستخدم تقنية HCE للدفع عبر المحمول في لبنان والمنطقة.
هناك نمو ملحوظ في الابتكار التكنولوجي بالمنطقة العربية. كما أن ازدياد الشركات الناشئة يعتبر مشجّعا للغاية ؛ إلا أن البنية الأساسية في العديد من بلدان المنطقة لا تزال تشكل تحديا من أجل اعتماد العديد من حلول التكنولوجيا المالية على نطاق واسع مثل سرعة الإنترنت غير الكافية وارتفاع أسعار الاتصالات وضعف تغطية الشبكة. ومن المتوقع أن يكون هناك تطور بطيء لاعتماد هذه الحلول؛ إلا أن المنطقة مهيأة لكي تنمو بشكل هائل. ونعتقد أن تعزيز العلاقات والشراكات عبر القطاعين المالي والتكنولوجي ضمن أطر تنظيمية وسياسات عامة داعمة ؛ سوف يؤدي في النهاية إلى منطقة تتسم بالشمول المالي حيث يتم خدمة الأفراد بطريقة آمنة وشفافة وفعّالة.
د. أيمن عمر، أستاذ في إدارة الأعمال الدولية و إدارة سلاسل الإمداد وزميل بحوث بمركز كوجود لحوكمة أمن الحاسوب وكلية كوجود لإدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية؛ إيما جارنيك، ماجستير إدارة الأعمال، كلية كوجود لإدارة الأعمال، الجامعة الأمريكية بواشنطن العاصمة.
هذه المدونة جزء من سلسلة "التكنولوجيا المالية والبلوك تشين من أجل الشمول المالي في العالم العربي" التي تقوم بنشرها الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ بالتعاون مع البوابة العربية للشمول المالي من أجل التنمية؛ وذلك لعرض بعض من القضايا الرئيسية الخاصة بالابتكار التكنولوجي والشمول المالي التي تم مناقشتها خلال المنتدى العربي للتقنيات المالية الحديثة Arab#Fintex الذي انعقد في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة خلال 12 - 13 ديسمبر/كانون الأول 2018 بتنظيم من مبادرة الشمول المالي للمنطقة العربية (FIARI) برعاية كل من صندوق النقد العربي، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، والتحالف العالمي من أجل الشمول المالي (AFI)، والبنك الدولي وبالتعاون مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي.
مع التطورات اللي بتصير مع الوقت اتوقع انها رح تنهض وممكن يصير شي احسن منها من ناحية امن
يوجد هناك نمو و توجه في عملية استخدام التقنيات التكنولوجية في الوطن العربي و لكن التشريعات لا تتماشى ولا تواكب هذه التقنيات الجديدة فلذلك تعمل عائق و تبطء من عملية التطور هذه
اترك تعليق