النقد مقابل الرقمي: كيف تخفف المدفوعات الرقمية الحكومية للأفراد من أعباء حياة المستفيدين؟
تخيل أنك مضطر لأخذ يوم إجازة من العمل، والسفر لمسافات طويلة، والانتظار في طابور لساعات، تحت الشمس أو المطر، لتحصيل مدفوعات المساعدة أو الأجور من الحكومة. الآن تخيل أن عليك تكرار هذه العملية كل شهر. هذه هي واقع حياة الملايين حول العالم الذين يعتمدون على المدفوعات الحكومية التي لا تزال تُسلم لهم نقداً.
تقديم هذه المدفوعات الحكومية للأفراد (G2P) رقمياً يمثل فرصة لكثيرين للوصول إلى أول حساب مصرفي رسمي لهم. ويمكن أن يفتح امتلاك الحساب الباب أمام خدمات مالية أخرى يمكن أن تحسن حياة الناس. حتى في الحالات التي قد يضطر فيها المستفيدون إلى سحب كامل مدفوعاتهم، فإن تلقي هذه المدفوعات رقمياً يجعل حياتهم أسهل من حيث التكلفة والأمان والمرونة، فضلاً عن سهولة الوصول. إن تجربة الدفع الرقمي التي تكون أكثر سهولة وأقل تكلفة من المدفوعات النقدية تمثل خطوة أولى نحو استخدام المستفيدين لحساباتهم والقيام بالمدفوعات الرقمية بسهولة.
تدعم مبادرة رقمنة المدفوعات الحكومية للأفراد من البنك الدولي الأبحاث العالمية لفهم ما يصلح (وما لا يصلح) بناءً على تجارب المستفيدين من المدفوعات الرقمية الحكومية للأفراد. تستخدم هذه البيانات والأبحاث لتوجيه تصميم برامج البنك الدولي في الدول المختلفة.
نتائج الدراسات النوعية من ست دول أظهرت أن المدفوعات الرقمية الحكومية للأفراد حسنت تجربة المستفيدين بطرق متعددة، منها:
1. تقليل وقت وتكلفة السفر لاستلام المدفوعات:
عند استلام المدفوعات نقداً، عادة ما يتم التوزيع في مكتب حكومي أو مكان مماثل، مع قيود على اليوم والوقت المحدد لاستلام المدفوعات. بالمقابل، تتيح المدفوعات الرقمية إمكانية السحب من عدة مواقع، مثل أجهزة الصراف الآلي، وفروع البنوك، ووكلاء الصرافة. في معظم الحالات، تسمح المدفوعات الرقمية للمستفيدين باستلام مدفوعاتهم بسهولة أكبر وبتكلفة أقل. في مالي، عبر المستفيدون من برنامج شبكة الأمان الاجتماعي الطارئة Jigisèmèjiri عن تقديرهم لإمكانية الذهاب إلى أقرب وكيل. وبالمثل، أشاد مستفيدو برنامج *رؤية أومورينجي* (VUP) في رواندا بالوفورات الكبيرة في تكلفة السفر بفضل المدفوعات عبر الهاتف المحمول.
تسهيل الوصول قد يقلل أيضاً من الوقت الذي يقضيه الأشخاص بعيداً عن العمل ويُحسّن تقديم الخدمات العامة عند تحويل أجور العاملين في القطاع العام إلى المدفوعات الرقمية. ففي جمهورية إفريقيا الوسطى، أعرب موظفو القطاع العام عن رضاهم عن تحويل أجورهم إلى حسابات الهاتف المحمول بسبب تقليص وقت السفر. فقبل عام 2020، كان العديد منهم يسافرون لمسافات طويلة تصل إلى يومين لتلقي أجورهم نقداً، مما يؤدي إلى تغيبهم عن مواقع العمل وتأخير تقديم الخدمات.
2. المزيد من المرونة في وقت سحب الأموال:
توفر المدفوعات الرقمية مزيداً من المرونة؛ حيث يمكن للمستفيدين السحب في الوقت الأنسب لهم ومن نقاط مختلفة. في المغرب، قدّر مستفيدو برنامج *الدعم النقدي* (DAAM) تلقي المدفوعات في حساب يتيح السحب من أجهزة الصراف الآلي على مدار 24 ساعة دون الحاجة للانتظار.
3. تقليل وقت الانتظار عند سحب المدفوعات:
توفر نقاط سحب نقدي متعددة والمرونة في توقيت السحب، ما يؤدي إلى تقليل الطوابير وأوقات الانتظار. فعلى سبيل المثال، في الفلبين، شهد المستفيدون تجارب مختلفة مع أوقات الانتظار بناءً على نقطة الوصول المستخدمة، إلا أن المدفوعات الرقمية خلال الجولة الثانية من برنامج الإغاثة الاجتماعي من آثار كوفيد-19 أدت إلى تقليل وقت الانتظار بمعدل 40 دقيقة مقارنة بالجولة الأولى من المدفوعات النقدية.
تصميم المدفوعات الحكومية الرقمية للأفراد بشكل يركز على المستفيدين لتحقيق أقصى استفادة
على الرغم من تحسن تجربة المستفيدين عند التحول إلى المدفوعات الرقمية، فإن هذا ليس مضموناً. فمشاكل السفر والتكاليف والانتظار قد تستمر في المناطق التي تفتقر إلى وكلاء صرافة أو أجهزة الصراف الآلي أو فروع البنوك. في بوليفيا، على سبيل المثال، أظهرت الأبحاث في 2022 أن مستفيدي برنامج *رينتا ديغنيداد* للمعاشات الاجتماعية الشاملة، كانوا بحاجة إلى سحب مدفوعاتهم نقداً بسبب قلة نقاط الوصول، ولكنهم أيضاً أقروا بصعوبة السفر في كل مرة يتم فيها الدفع.
كما يمكن أن يواجه المستفيدون تحديات أخرى مثل الأمية الرقمية والمالية. ولذلك، يجب على المسؤولين تصميم عمليات تحويل المدفوعات الحكومية الرقمية للأفراد بعناية، مع التركيز على احتياجات المستخدمين الخاصة. ويعد الاستفادة من الأبحاث، مثل الأمثلة المذكورة، أمراً مهماً لفهم ما هو مفيد وما يمكن تحسينه، من أجل اعتماد سياسات وتصميمات تضع المستفيدين في محور الاهتمام.
هذه المدونة مترجمة من مقال باللغة الإنكليزية، تم نشره أصلاً عبر موقع البنك الدولي عبر الرابط التالي.