ماذا يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر العربية أن تتعلمه من نظيراتها في أمريكا اللاتينية فيما يتعلق بالتحوّل الرقمي ؟
إن مؤسسات التمويل الأصغر مثلها مثل جميع المؤسسات المالية، تعاني أيضا من التكاليف التشغيلية المرتفعة التي تنتج غالبا بسبب نظم لإدارة المعلومات عفا عليها الزمن، والتواجد الفعلي من خلال الفروع، وزيادة في عدد الموظفين. وفي هذا الصدد ، فإن إمكانات شركات التكنولوجيا المالية قد تكون هي الأمل المنتظر لتحقيق الاستدامة من خلال تقديم الخدمات المالية عن طريق الاستفادة من الابتكار التكنولوجي. ومن المتوقع أن يكون دمج حلول لأطراف أخرى من شأنه أن يؤدي إلى تقليل التكاليف التشغيلية ومساعدة مؤسسات التمويل الأصغر على زيادة كفاءتها. وعلى الجانب الآخر، ترى مؤسسات التمويل الأصغرشركات التكنولوجيا المالية كمنافسين في المجال، فهي تقوم أيضا باستهداف الفئات التي لا يتم خدمتها بواسطة البنوك والفئات التي لا يتم خدمتها بشكل كامل.
تبحث مؤسسات التمويل الأصغر عن وسائل لتحسين مدى راحة العميل وتقليل المخاطر وتحسين الكفاءة والإنتاجية عن طريق الاستفادة من حلول التكنولوجيا المالية.
ولكن هناك حل وسط وجدير بالإهتمام وهو الشراكة بين مؤسسات التمويل الأصغر وشركات التكنولوجيا المالية.
إن مؤسسات التمويل الأصغر تبحث بالتأكيد عن وسائل لتحسين مدى راحة العميل وتقليل المخاطر وتحسين الكفاءة والإنتاجية عن طريق الاستفادة من حلول التكنولوجيا المالية. ولكن تطبيق حلول التكنولوجيا المالية داخل مؤسسات التمويل الأصغر ليست عملية سهلة وتتطلب استثمار كبير يتم دفعه مقدما من أجل اقتناء و تطبيق التكنولوجيا المطلوبة للاتصال بين جميع الأطراف. هذا بالإضافة إلى تحديات أخرى تتضمن إيجاد الشريك المناسب للتكنولوجيا المالية، والإدارة اللازمة للتغيير، ودمج حلول التكنولوجيا المالية في نظم المعلومات الإدارية الحالية.
كيف يتم دمج شركات التكنولوجيا المالية إذا بشكل فعّال وبكفاءة عندما لا يتوافر لدى مؤسسات التمويل الأصغر المهارات والتمويل والتكنولوجيا من أجل الشروع في عملية مكلفة وطويلة وذات نتائج غير مؤكدة ؟
هناك العديد من التجارب الناجحة في أمريكا اللاتينية والتي يمكن استنساخها بسهولة في الشرق الأوسط.
لقد تم تأسيس البنك الشعبي "بنكو بوبولار Banco Popular" في عام 2008 باعتباره البنك الوحيد المتخصص في التمويل الأصغر في هندوراس، والذي يخدم قاعدة العملاء في كل من المناطق الريفية و الحضرية في هندوراس، وقد اكتسب اعترافا دوليا بفضل إدارته ذات التفكير المتقدم وسرعة الاستجابة لخدمة العملاء. وقد تحوّل البنك إلى استخدام حلول التكنولوجيا المالية ولديه فقط 22 فرعا وذلك لتحسين مدى قربه من العملاء بأكثر الطرق كفاءة ؛ إلا أن عمليات الدمج في مثل هذه المبادرات قد استغرقت وقتا أطول مما هو متوقع. ومن أجل معالجة هذه المشاكل ولزيادة الحلول الجديدة و تطبيقها؛ قام "بنكو بوبولار" بالتعاون مع شركة "فينكونيكتا FinConecta" التي ابتكرت منصة لواجهة برمجة التطبيقات (API) والتي تقوم بتسهيل دمج المؤسسات المالية التقليدية وأنظمتها المصرفية القديمة مع مقدمي حلول التكنولوجيا المالية في جميع أنحاء العالم.
إن منصة البرمجيات الوسيطة 4wrd تمكّن المؤسسات مثل بنك بوبولار من الوصول إلى مجموعة كبيرة ومتسعة من التطبيقات المصرفية لأطراف أخرى من خلال نموذج اشتراك. كما أنها تعمل مع المؤسسات من أجل مساعدتها على التطبيق السريع لإستراتيجيات التحوّل الرقمي الخاصة بها باستخدام التطبيقات التي تناسب أهدافها بشكل أفضل. ولقد أنشأت فينكونيكتا لهذا الغرض نموذجا موجها نحو النظام الإيكولوجي المالي العالمي، ويربط بين شركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم، مما يعزز التعاون والتكنولوجيا الجديدة.
قام بنكو بوبولار من خلال استخدام منصة التكنولوجيا المالية باختيار ثلاثة حلول مختلفة تم تقديمها بواسطة شركات التكنولوجيا المالية من بلدان مختلفة في أمريكا اللاتينية. وقام البنك عن طريق إحدى هذه الشركات باعتماد نظام "روبوت الدردشة chatbot" الذي يعمل مع "فيسبوك مسنجر Facebook Messenger" والذي يقدم للعملاء مجموعة من الخدمات تتضمن تحديد موقع الفرع وكذلك تطبيق رائد للائتمان عبر الإنترنت والذي يتيح للعملاء طلب واستلام معلومات الائتمان الخاصة بهم في أقل من أربع ساعات.
وبالإضافة إلى ذلك، قامت فينكونيكتا بمساعدة بنكو بوبولار على الوصول إلى تكنولوجيا تم اكتشافها بواسطة Labs Finnovation وهي حاضنة أعمال للتكنولوجيا المالية منبثقة عن "بنكو فيوجار Banco Fihogar" في جمهورية الدومينيكان والذي يقدم برنامجه لإدارة عمليات الأعمال للبنوك الأخرى. ومن خلال هذه التكنولوجيا، يهدف بنكو بوبولار إلى تسريع سير العمل داخل العمليات المصرفية وتخفيض تكاليفها، وكذلك تسهيل أمن وسائل الرقابة الإدارية الداخلية.
توضح التجربة في أمريكا اللاتينية أن الاستفادة من الشراكات من شأنها تشكيل قرار محوري نحو التحوّل الرقمي مما يوفر وقتا أسرع للوصول إلى السوق، وتحقيق مرونة ذات قيمة، والتوفير في التكاليف.
مع تعرّض البنوك من جميع الأحجام لضغوط من العملاء وأصحاب المصلحة الآخرين من أجل اعتماد التحوّل الرقمي، وبالإضافة إلى التهديد المتزايد من قبل مقدمي الخدمات الجدد الذين يخلقون أسواقا جديدة من خارج القطاع المالي التقليدي؛ أدرك بنكو بوبولار أن النهج القائم على الشراكة والذي يشرك المتخصصين في التكنولوجيا المالية ويشمل أفضل الحلول الحديثة قادرعلى تعزيز قدرة البنك التنافسية لأنه يقوم بتوفيق عملياته ونظمه مع احتياجات المستقبل. إن الشراكة بين فينكونيكتا وبنكو بوبولار ضمنت أن الحلول التكنولوجية التي تم اختيارها تتناسب مع الاحتياجات التشغيلية وتوفر تكاملا سلسا وتطبيقا سريعا دون الحاجة إلى عملية تهيئة شاملة.
إن التجربة في أمريكا اللاتينية توضح أن الاستفادة من الشراكات من شأنها تشكيل قرار محوري نحو التحوّل الرقمي مما يوفر وقتا أسرع للوصول إلى السوق، وتحقيق مرونة ذات قيمة، والتوفير في التكاليف. وباختصار، فهو نموذج يمكن استنساخه بسهولة من قبل مؤسسات التمويل الأصغر العربية.
خورخي رويز هو المؤسس والمدير التنفيذي لشركة فينكونيكتا وهي شركة عالمية تقوم بتسريع عملية التحوّل الرقمي في القطاع المالي من خلال منصة التكنولوجيا الخاصة بها بالإضافة إلى حلول الإستراتيجية الرقمية. عمل رويز قبل ذلك لدى سيتي جروب لمدة 18 عاما، حيث قاد جهودها لكي تصبح رائدة على مستوى العالم في مجال التكنولوجيا المالية عن طريق تحديد استراتيجية التحوّل للمؤسسات وإطلاق أول مسرّع افتراضي عالمي، واستضافة 16 برنامجا للابتكار وتطبيق حلول متعددة للمؤسسات في جميع انحاء العالم. كما قام رويز أيضا بتأسيس وقيادة شركات في مجالات الاستثمار والتأمين والبيع بالتجزئة. وهو عضو مؤسس في شبكة اجتماعية مخصصة لتحقيق الانجازات الشخصية ومساعدة المنظمات الخيرية على جمع الأموال Challenge Me Now ، كما أنه شارك في تأليف كتاب The Fintech Book . رويز حاصل على شهادة في العلوم المالية من جامعة تكساس وحاصل على لقب Endeavor Enterpreneur.