الأخبار

البنوك الإسلامية تنافس على تمويل المشاريع الصغيرة في تونس

تبدي المصارف الإسلامية في تونس اهتماما كبيراً بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي يجابه أصحابها صعوبات في النفاذ إلى مصادر التمويل، بسبب عزوف المصارف التجارية الخاصة عن تمويل هذا الصنف من الاستثمارات.

وأخيرا كثّفت المصارف الإسلامية حملاتها الدعائية المتعلقة بتمويل هذه النوعية من المشاريع، مقدمة مجموعة من الحلول لتوفير التمويلات تساعد الشباب على إنشاء مشاريعهم الخاصة، لعلها توسع من حصتها السوقية التي لا تزال متواضعة إلى حد كبير، حيث لا تتجاوز 5%.

وبدخولها مجال تمويل هذا الصنف من الاستثمارات، تنافس البنوك الإسلامية مصرفين حكوميين مختصين في تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهما بنكا "التضامن" و"تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة".

ويصف خبراء اقتصاد تنويع المصارف الإسلامية لعروضها بالأمر الإيجابي، مشيرين إلى ضرورة استغلال هذه المصارف للثغرات التمويلية لتحقيق نسيج اقتصادي متكامل يجد فيه كل المستثمرين إمكانيات التمويل، فيما يعول مستثمرون شبان على هذه التمويلات لتوفير فرص عمل وإقامة مشروعات ناجحة تعاضدها البنوك.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال المستثمر الشاب بدر الدين الماكني، إنه تقدم بملف لتمويل مشروع زراعي لعدة مصارف غير أن طلبه لم يحظ بالقبول، ما دفعه إلى البحث عن بديل لدى المصارف الإسلامية التي استجابت لتمويل مشروعه عبر آلية المرابحة، ما مكنه من توفير قرض لغرس أشجار زيتون واقتناء آلات زراعية.

واعتبر الماكني أن العديد من الشباب والمستثمرين لا تعوزهم الأفكار لإحداث مشاريع ناجحة بقدر ما يقف توفير التمويلات عائقا أمام تحقيق طموحاتهم، مشيرا إلى أن انخراط المصارف الإسلامية في تمويل مشاريع صغيرة يكسر حاجز شح مصادر التمويل التي تفرضها البنوك على صغار المستثمرين.

وقال إن البنك الإسلامي عرض عليه خطة تمويل على الأمد المتوسط (مدة أقصاها 7 سنوات) مع ملاءمة صيغة التمويل والوضعية الماليّة لمشروعه الذي وفّر له المصرف 70% من حجم تمويل خطته الاستثمارية مع تقديم المشورة وتأمين المرافقة من قبل خبراء المصرف.

وتحظى الصيرفة الإسلامية باهتمام السلطات المالية التونسية، التي تسعى إلى تدارك ما تخلّف من التشريعات بهدف تعزيز المساهمة الاقتصادية لثلاثة بنوك باتت تستأثر بنحو 5% من مجموع آليات التمويل المتوفرة في البلاد.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، دعا محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، إلى توسيع مجال اعتماد الصيرفة الإسلامية في البنوك، مشددا على أهمية دورها بدفع الاقتصاد المحلّي.

وأوضح العباسي أن التمويل الإسلامي بقي في مستويات محدودة في تونس، مشيرا إلى أن نسبته لم تتجاوز 5% من مجمل التمويلات التي تعتمدها البلاد، لافتا إلى سعي تونس إلى استكمال تهيئة الأرضية المناسبة، وإرساء التشريعات الكفيلة بتطوير هذا الصنف من التمويل.

وتقدم المصارف الإسلامية عبر شبكة فروعها عروضا متنوعة لعملائها لتمويل المشاريع أو اقتناء الأصول التجارية والسيارات وغيرها مقابل نسب فائدة تنافسية مقارنة ببقية المصارف التجارية.

وتوقع الخبير الاقتصادي بلحسن الزمني، أن تكسب المصارف الإسلامية رهان تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ما من شأنه أن يخلق مناخا تنافسيا بين البنوك يستفيد منه المستثمرون والاقتصاد التونسي بشكل عام.

وقال الزمني لـ"العربي الجديد"، إن النظام المصرفي التونسي لم يواكب الانفتاح العالمي على منتجات الصيرفة الإسلامية، مشيرا إلى أن هذا النوع من التمويل يفتح آفاق مهمة للاقتصاد.

وحول تعلل المصارف التجارية بارتفاع نسبة المخاطر في تمويل الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، أكد الخبير الاقتصادي أن كل الاستثمارات لا تخلو من مخاطر، مشددا على ضرورة انفتاح البنوك على منتجات جديدة وتوفيق خدماتها المالية مع التغيرات الاقتصادية في تونس والعالم.

ويبلغ عدد البنوك العاملة وفق أحكام الشريعة الإسلامية حاليا ثلاثة بنوك، وهي "الزيتونة"، و"البركة" (شراكة تونسية سعودية)، و"الوفاق".

وفي مايو/ أيار 2016، أقر مجلس نواب الشعب التونسي بأغلبية 115 صوتا مشروع قانون يمنح للبنك المركزي مهمة الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية، وتنظيم عملية سحب التراخيص بها، وإنشاء هيئة مراقبة على المؤسسة المالية المرخص لها بممارسة الصيرفة الإسلامية.

كما سمح القانون لكل مؤسسة مالية مرخص لها بممارسة الصيرفة الإسلامية مع إحداث هيئة مراقبة مطابقة لمعايير الصيرفة الإسلامية، ومنح القانون لهذه الهيئة النظر في مدى توافق أنشطة المصرف أو المؤسسة المالية مع مبادئ ومعايير الصيرفة الإسلامية، على أن تكون قراراتها ملزمة بالنسبة للمصرف أو المؤسسة المالية.

ورغم اعتراض بعض الأطراف السياسية على هذا النشاط المالي، إلا أن هذا المجال تجاوز الانتقادات ولاقى إقبالاً من قبل شرائح من المواطنين، لا سيما أصحاب الأعمال الذين أبقوا أموالهم في السابق خارج المصارف بسبب رفضهم التعامل مع بنوك تقليدية تتعامل بنظام الفائدة.

المزيد عن هذا المحتوى

تاريخ النشر