مدونة البوابة

كيف يمكن للأدوات الجديدة أن تقيس بدقة أكبر التقاطع بين التشريد القسري والفقر والنوع الإجتماعي؟

رجل بلباس أبيض يقف وسط مجموعة من الجالسين في مدرج في مقديشو في الصومال يوزع عليهم واجبات خفيفة.

تعيش هيما في الصومال، وتمثّل عملها بجمع القمامة في الشوارع إلى حين انخفض حجم هذا العمل فبدأت بتنظيف المساكن لكسب معيشتها. وعندما لا يكفيها المال، تؤمّن الطعام من خلال الاستقراض من المتجر المحلي. وتقول "نرد المال عندما يتيسر لنا الأمر، وهكذا تستمر الحياة". هيما هي واحدة من العديد من المشرّدين داخليًا الذين يعيشون في الصومال. والصومال هو واحد من أكثر البلدان هشاشة في مواجهة العنف المستمر. بالإضافة إلى الصراع الداخلي، ساهم الجفاف وانعدام الأمن الغذائي في زيادة عدد المشرّدين الداخليين في الصومال، مما أغرق المزيد من الناس في الفقر.  ولكن الوصول إلى الفقراء وتقييم مستواهم الحقيقي من الفقر غالباً ما يكون صعبًا في البيئات الهشّة بسبب الصراع وانعدام الأمن.

وتشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن مركز رصد التشرّد الداخلي إلى أن 30.7 مليون شخص تشرّدوا مؤخرًا في عام 2020 على المستوى العالمي بسبب الكوارث الطبيعية، وأن 9.8 مليون شخص تشرّدوا قسرًا بسبب الصراع والعنف. وفي نهاية عام 2020، تشرّد 48 مليون شخص داخليًا وعاش 26 مليون شخص كلاجئين في بلد مضيف. ويواجه عدد كبير من المشرّدين الداخليين والأسر من اللاجئين حالات حرمان مزمنة أو يعيشون في مساكن مؤقتة أو مخيمات في ظل ظروف معيشية أساسية أو تندر فيها الخدمات أو تقل فيها فرص العمل.

تتناول ورقتنا حول مشروع أبعاد التشرّد القسري بحسب الجنس التقاطع بين التشريد القسري والفقر المتعدّد الأبعاد ونوع الجنس، باستخدام مؤشر الفقر المتعدّد الأبعاد المخصّص والذي يقيس الحرمان من خلال 15 مؤشرًا في أربعة محاور، وهي التعليم، والصحة، ومستويات المعيشة، والأمن المالي. وقمنا بتطبيق مؤشر الفقر المتعدّد الأبعاد على السكان المشرّدين قسرًا في خمسة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي أثيوبيا، وشمال شرق نيجيريا، والصومال، وجنوب السودان، والسودان.

تبيّن لنا أن التشرّد يؤثّر بشكل عام على حرمان الأسر في حين يؤثّر نوع الجنس على الاختلافات داخل الأسر، على الرغم من أن النتائج تختلف من بلد إلى آخر، ووجدنا اختلافات كبيرة بين كثرة وشدة الفقر المتعدّد الأبعاد.

يشكّل مؤشر الفقر المتعدّد الأبعاد أداة قوية تسمح بقياس أوجه التفاوت بين الأسر، ولكن لم يتم استخدامه بالقدر الكافي لقياس حالات الحرمان الفردية والتحليلات داخل الأسرة. ونعتبر الأشخاص المؤهلين الذين تتوفر لهم بيانات على المستوى الفردي في كل مؤشر، كالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و16 سنة، أشخاص قد يتعرضون للحرمان من حيث الالتحاق بالمدارس. ومن خلال التركيز على مؤشرات محددة، مثل استكمال المرحلة الابتدائية، والالتحاق بالمدارس، وتحديد الهوية القانونية، والبطالة، نحدّد عدد أفراد الأسر المحرومين في كل منطقة وخصائصهم، أي جنسهم وعمرهم. ويسمح لنا هذا التحليل بتحديد العوامل وراء الحرمان الأسري، وتبيّن لنا أن التشرّد يؤثّر بشكل عام على حرمان الأسر في حين يؤثّر نوع الجنس على الاختلافات داخل الأسر، على الرغم من أن النتائج تختلف من بلد إلى آخر، ووجدنا اختلافات كبيرة بين كثرة وشدة الفقر المتعدّد الأبعاد داخل البلدان الخمسة وفيما بينها.

وقد يرتبط التشرّد أحيانا بارتفاع نسبة مخاطر الفقر بالنسبة للنساء والفتيات:

  • في إثيوبيا والصومال والسودان، تزيد معدلات الفقر المتعدّد الأبعاد في المتوسط بين النساء والفتيات اللواتي يتعرّضن للتشرّد القسري عن معدلات الفقر لدى نظرائهن غير المشردات.
  • في إثيوبيا ونيجيريا، تعاني النساء والفتيات المشرّدات من مستوى فقر متعدّد الأبعاد يزيد عن مستوى الفقر الذي يعاني منه الرجال والفتيان في أسرهن المعيشية.

بيد أنه لا يوجد فرق بين الجنسين في الفقر المتعدّد الأبعاد في الصومال وجنوب السودان والسودان، سواء بين المشرّدين أو غير المشرّدين.

إن التداعيات الطويلة الأمد المترتّبة على إغلاق المدارس أثناء الجائحة ستزيد من حدّة التفاوت.

التباين بين الجنسين على مستوى الحرمان من التعليم هو من الفجوات الشائعة.  على سبيل المثال:

  • تقل نسبة النساء اللواتي يستكملن المرحلة الابتدائية في المدارس، مما يعكس حرمانًا متراكمًا مع مرور الوقت، وقد يكون نوع الجنس العامل الأهم في حالات الحرمان المزمن.
  • في أثيوبيا، ثمانية من بين كل عشرة أطفال فقراء لا يلتحقون بالمدارس، بصرف النظر عن حالة التشرّد، رغم أن الفجوات بين الجنسين في الالتحاق بالمدارس مهمة فقط بالنسبة لمجتمع اللاجئين، حيث الفتيات أكثر حرمانًا من البنين (3 نقاط مئوية بين السكان على نطاق أكبر، ونحو 5 نقاط مئوية بين الفقراء).
  • إلى ذلك، تؤثّر الفجوة بين الجنسين على مستوى التعليم سلبًا على البنين والرجال في السودان، بينما في نيجيريا يرتبط التشرّد، وليس نوع الجنس، بعدم الالتحاق بالمدارس.
  • ومن بين الفقراء المتعدّدي الأبعاد، يواجه الأطفال في الأسر المشرّدة، وخصوصا الفتيات، حواجز أكبر أمام التعليم مقارنة بأقرانهن في المجتمعات المضيفة.
  •  في الصومال، يوجد تفاوت أكبر بين الجنسين داخل الأسرة لدى أطفال المدارس المشرّدين قسرًا مقارنة بالأطفال غير المشرّدين، وهو ما يضرّ بالفتيات. ويستمر هذا التفاوت في الأسر المشرّدة والأسر المضيفة، رغم أن الفجوات بين الجنسين في الأسر المشرّدة هي في حدود 15 نقطة مئوية مقارنة بنقطة مئوية واحدة فقط في الأسر غير المشرّدة.
  • إن التداعيات الطويلة الأمد المترتّبة على إغلاق المدارس أثناء الجائحة ستزيد من حدّة التفاوت.

يجب أن نستخدم التوزيعات التفصيلية داخل الأسرة في الأبحاث المستقبلية لمعالجة احتياجات الأفراد الأكثر ضعفًا.  ويمكن أن تساعد التحليلات الأكثر تعمقًا لكل مؤشر فقر متعدّد الأبعاد بحسب البلد، أي المناطق الجغرافية وتقسيمات المناطق الريفية/الحضرية والأقسام الإدارية، صنّاع السياسات والشركاء في التنمية والبرامج الإنسانية على تصميم برامج تهدف إلى التخفيف من الفقر، واستهدافها ونشرها بشكل أفضل.

تترأس لوسيا هانمر وديانا أرانغو "الأبعاد الجنسانية للتشرّد القسري"، بتوجيه من هانا بريشي، المديرة العالمية لشؤون نوع الجنس، من برنامج "بناء الأدلة حول التشريد القسري: شراكة بين أطراف معنية متعدّدة"، الذي تمّ إنشاؤه بالشراكة مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ويتم تمويله من خلال المساعدات التي تقدّمها وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة وتتم إدارته من قبل مجموعة البنك الدولي.

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.