مدونة البوابة

تزايد النصب والاحتيال المالي مع انتشار فيروس كورونا في الدول النامية

تصوير رانا باندي، مسابقة سيجاب للتصوير 2016.

لقد تم استهداف الفقراء الذين يعانون بالفعل من الأثر الصحّي لوباء كورونا ، في كل من الفلبين و الهند و كينيا و جنوب أفريقيا و العديد من الدول النامية الأخرى ؛ و ذلك بواسطة محتالي الإنترنت الذين يحاولون انتهاز الفرصة لاستغلال هؤلاء الفقراء بطريقة غير عادلة. إن محاولات الإحتيال هذه ، تمثل خطرا لأنها قد تؤدي إلى زعزعة الثقة في التكنولوجيا الرقمية التي تثبت أهميتها البالغة في الحفاظ على الوصول إلى المعلومات و تواصل الأشخاص أثناء فترة انتشار الوباء. إن الثقة في الخدمات المالية الرقمية على وجه الخصوص و التي كانت مفيدة في تعزيز جهود الشمول المالي ؛ قد تتضرر في نفس الوقت الذي أثبتت فيه أنها وسيلة فعّالة لتوصيل المدفوعات إلى الفقراء بشكل سريع و بكفاءة عالية.

و فيما يلي بعض الأمثلة على عمليات الاحتيال المتعلقة بانتشار الفيروس:

  • التصيّد الاحتيالي  (الخداع عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية ) الذي يتم بالهند و الذي بموجبه يتم عرض اشتراك مجاني في “Netflix” على الأشخاص المقيمين بالمنازل أثناء فترة الإغلاق الكامل/الحظر ، و ذلك إذا قاموا بالنقر على رابط استقصاء ثم إعادة إرسال الرسالة إلى 10 مستخدمين لتطبيق "واتس آب".
  • إرسال رسائل بريد إلكتروني ذات روابط مريبة بدعوى أنها من منظمة الصحة العالمية و الأمم المتحدة و مراكز السيطرة على الأمراض و الوقاية منها.
  • قيام المحتالين بزيارة المنازل في جنوب أفريقيا "لاسترجاع" الأوراق النقدية و العملات المعدنية بزعم أنها ملوثة بفيروس كورونا و تقديم إيصالات للحصول على نقود "نظيفة" لا يتم تسليمها على الإطلاق.
  • تم الإبلاغ في الهند ، عن عروض وهمية للحصول على أموال طوارئ من أجل الضروريات.
  • تحذير منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" من أن المجرمين كانوا يتصلون بضحاياهم و يتظاهرون بأنهم مسؤولون في عيادة أو مستشفى ، و يزعمون أن أحد الأقارب قد أصيب بالفيروس و يطلبون أموالا من أجل العلاج الطبي.
  • وقوع الأشخاص اليائسون من أجل حماية أنفسهم في فخ عروض لمنتجات طبية مزيفة مثل الأقنعة و اللقاحات و أدوات الاختبار.

و توجد إدعاءات كاذبة بأن فيروس كورونا مرتبط باستخدام التكنولوجيا الحديثة (مثل تكنولوجيا الجيل الخامس 5G التي يمكن استخدامها لتقديم خدمات المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول). و توجد تدابير يمكن للسلطات المسؤولة أن تتخذها من أجل الاستجابة لحماية العملاء بشكل أفضل. فيمكن للجهات التنظيمية و مقدمي الخدمات و وكالات حماية المستهلك، القيام بتحذير الأشخاص من المخاطر ؛ و يمكن لمقدمي الخدمات التأكد من أن لديهم آليات مناسبة لشكاوى المستهلكين ، كما يمكن للجهات المسؤولة عن تنفيذ القانون أن تتخذ إجراءات صارمة ليس فقط داخل البلد و لكن عبر الحدود أيضا.

إن تصيّد الضحايا من الفئات المستضعفة بالبلدان النامية في وقت الأزمات ؛ لا يقوم به إلا معدومي الضمير. و هناك حاجة إلى جهود متعددة الجوانب من أجل حماية المزيد من الأشخاص من الوقوع ضحية في أيدي هؤلاء ؛ و ذلك في الوقت الذي يعاني فيه الكثيرون من فقدان الدخل نتيجة لإجبارهم على البقاء في منازلهم لمكافحة المرض. كما توجد حاجة إلى جهد مشترك من قبل القطاعين العام و الخاص من أجل حماية العملاء عن طريق الجهود التثقيفية و إجراءات لتنفيذ القانون تكون مرئية للجميع.

يجب على القطاع الخاص أيضا القيام بدور هام لحماية المستهلكين أثناء الأزمات. فبالنسبة لتقديم الخدمات المالية ، يمكن للمؤسسات الموثوق بها أن تقوم بتثقيف العملاء حول كيفية تجنب الأخطار الخفية، مثل طريقة الردّ على الاتصالات الاحتيالية. و يجب أيضا على شركات تقديم الخدمات المالية الرقمية أن يكون لديها مراكز فعّالة لشكاوي العملاء وحلّها، حتى يكون لدى العملاء ملاذ آمن عند تعرضهم للغش.

إن التثقيف يعتبر من أهم الأمور التي تتم على المدى القصير ، و غالبا ما تكون الحكومات في وضع أفضل لإدارة هذا الأمر. فعلى سبيل المثال ، قام مركز معلومات المخاطر المصرفية بجنوب أفريقيا  بتحذير عملاء البنوك من المجرمين الذين يستغلّون فيروس كورونا لتوقيعهم في فخ التصيّد الاحتيالي. كما أن إدارة تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات بالفلبين قد طلبت من الفلبينيين أن يراعوا سلامتهم على الإنترنت و الحذر من المواقع الإلكترونية غير الموثقة التي تتناول وباء "كوفيد 19" ، أو من التطبيقات التي تتطلب من العملاء تقديم بياناتهم الشخصية. و يجب على الحكومات مواصلة التعرّف على التهديدات التي تتعلق بحماية المستهلك ؛ بدءا من التواصل مع البنوك و مؤسسات التمويل الأصغر و شركات التكنولوجيا المالية و المنظمات غير الحكومية و الكيانات الأخرى ، و ذلك من أجل التعرّف على ما يشاهدونه في أسواقهم. و يجب بعد ذلك بذل الجهود لتحذير الناس من الطريقة التي يتم بها الغش و الاحتيال. و قد أعلن البنك المركزي لجنوب أفريقيا بأن الأوراق النقدية و العملات المعدنية لم يتم سحبها من التداول ، و لذلك يجب عدم الوثوق بأي شخص يقوم بعرض "استرجاع" العملة. و على الرغم من أن هناك غريزة طبيعية لتقديم الدعم المالي للأصدقاء و أفراد الأسرة الذين يحتاجون إلى رعاية طبية ، إلا أنه يجب اتباع تحذير "الإنتربول" و التحقق من أن المتصّلين المجهولين إذا كانوا بالفعل يمثلون الأشخاص الحقيقيين و يتصرّفون نيابة عنهم. و يمكن إرسال مثل هذه التحذيرات إلى المستهلكين عبر الرسائل النصّية القصيرة أو تطبيق "واتس آب" أو مع اتصالات حكومية أخرى.

و يجب على القطاع الخاص أيضا القيام بدور هام لحماية المستهلكين أثناء الأزمات. فبالنسبة لتقديم الخدمات المالية ، يمكن للمؤسسات الموثوق بها أن تقوم بتثقيف العملاء حول كيفية تجنب الأخطار الخفية، مثل طريقة الردّ على الاتصالات الاحتيالية. و يجب أيضا على شركات تقديم الخدمات المالية الرقمية أن يكون لديها مراكز فعّالة لشكاوي العملاء و حلّها ، حتى يكون لدى العملاء ملاذ آمن عند تعرضهم للغش.

إن الملاحقة الفورية لمحترفي الغش الرقمي و فرض عقوبات قاسية عليهم ، سيكون من شأنه إرسال رسالة قوية لهم. و قد كانت إحدى الأمثلة الأخيرة تتمثل في الردّ على محاولة وقحة من محتال بالهند يزعم أنه يبيع أطول تمثال في العالم و هو "تمثال الوحدة" مقابل مبلغ 4 مليارات دولار ، و ذلك لجمع الأموال لولاية "جوجارات" من أجل تمويل جهودها لمكافحة فيروس كورونا. و قد أدى ذلك إلى قيام الشرطة الهندية برفع دعوى قضائية ضده. كما قامت الشرطة الهندية بتسجيل قضايا ضد العروض الوهمية التي تقوم بعرض خصومات للحصول على خدمات شركتي  Jio  و  Netflix . إن هذه الإجراءات لتنفيذ القانون تساعد على زيادة تثقيف أفراد المجتمع حول حماية أنفسهم من المحتالين.

في العالم المتواصل الذي نعيش فيه ، غالبا ما يكون القيام بالاحتيال عبر الحدود أسهل من القيام به من داخل بلد المحتال. و ليس هناك أفضل من هذا الوقت لكي تقوم الحكومات بالعمل مع جيرانها و ملاحقة المجرمين فيما بينها. و تقوم منظمة "الإنتربول" بقيادة هذه الجهود ، و هي منظمة دولية فيما بين الحكومات تضم في عضويتها 194 دولة  و تتضمن العديد من البلدان النامية. و قد تلقت المنظمة معلومات شبه يومية من الدول الأعضاء تتعلق بحالات احتيال مرتبطة بفيروس كورونا ؛ بجانب طلبات للمساعدة على إيقاف المدفوعات الاحتيالية. و على الرغم من أن الضحايا المستهدفين هم بشكل أساسي من قارة آسيا ، إلا أن المجرمين قد استخدموا حسابات بنكية في مناطق أخرى مثل أوروبا. و قد قامت منظمة "الإنتربول" بمساعدة السلطات المحلية على منع بعض المدفوعات و ساعدت في حوالي 30 قضية غش و احتيال مرتبطة بوباء "كوفيد 19". و ربما يكون الجانب المضئ للأزمة الحالية في ظل عدم وجود اتفاقيات تعاون بين البلدان ، هو العمل على تعزيز مثل هذه الجهود لحماية المستهلك عبر الحدود.

إن بإمكاننا عندما نتعاون جميعا ، أن نتصدّى للمحاولات التي يقوم بها البعض لاستغلال هذه الأزمة لمصلحتهم المالية. ومن الطبيعي أن يحتاج العديد من الأشخاص إلى المزيد من المساعدات الطبية والمالية من أجل بقائهم أحياء ، فهم لا يحتاجون فقط إلى مجرد نصائح عن كيفية تجنب الغش و الاحتيال. و قد قامت العديد من البلدان بجهود إغاثة واسعة النطاق. و قد أثبتت الخدمات المالية الرقمية مثل المعاملات المالية عبر الهواتف المحمولة ، بأن لديها آليات لتوصيل المساعدات المالية بسرعة إلى الأشخاص الأكثر فقرا و احتياجا في أوقات الأزمات. و يجب علينا جميعا أن نتخذ خطوات الآن لكي نضمن استخدام  الآفاق القوية للتكنولوجيا الرقمية من أجل الأفضل.

Financial Scams Rise as Coronavirus Hits Developing Countries

 

التعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.

أسامة محمد الشوخي , منظمة اليمن للشمول المالي والتنمية المستدامة , Yemen
31 مايو/‏أيار 2020

كل ما سبق نتيجة عدم الوعي من قبل المستخدمين .. لتطبيقات المالية .. وخصوصا ان فكرة الشمول المالي هي فكره ناجحه .. ولكن لن تكون الآ عن طريق التوعية والتثقيف المالي للناس .. المستخدمين خصوصا .
وفي ظل جائحه فيروس كورونا فان افضل وسيله لدفع والتحويلات النقدية هي تتمثل في التطبيقات التقنية التى تعمل تحت مظلة الشمول المالي بصورة مباشرة او غير مباشرة .. مع العلم بان التبادل النقدي الملموس يدا بيد هو احدى الاسباب والطرق الرئيسية والاكثر شيوعا قد تكون بين ناس لتناقل الفيروس خصوصا بان العملات النقدية تتبادلها مئات الايدي.. وما في تلك العملات الورقية والمعدنية من بكتيريا قد تكون ممرضه الى جانب انها بيئة خصبه لنمو الفيروسات .. وتمثل التطبيقات اكبر وسيله ناجحه للحد من مخاطر أنتشار الفيروس ..

اترك تعليق