مدونة البوابة

من القاهرة إلى بوكارامانجا والعودة

دروس مستفادة في الابتكار المبني على احتياجات العملاء من أجل تعزيز الشمول المالي للمرأة
زيارة مؤسسة لييد المصرية إلى مؤسسة ديلاموهير الكولومبية. الشبكة المصرفية العالمية للمرأة 2017.

كيف يبدو الابتكار المبني على احتياجات العملاء في الواقع العملي؟ لقد تسنى لي مشاهدة ذلك في الخريف الماضي أثناء مرافقة زيارة تعليمية بين مؤسستين أعضاء في الشبكة المصرفية العالمية للمرأة.  فقد قام وفد من الإدارة العليا لمؤسسة لييد للتمويل الأصغر بمصر بزيارة مؤسسة ديلاموهير بكولومبيا والتي تعنى مؤسسة المرأة باللغة الإسبانية.

والهدف من الزيارة هو مشاركة مؤسسة  ديلاموهير بأفضل الممارسات والدروس المستفادة أثناء تصميم وتنفيذ منتجات الاقراض الريفي والتأمين الأصغر مع مؤسسة لييد؛ والتي قد قامت مؤخرا بطرح منتج تجريبي للقروض القروية.

وقد كان من الواضح على مدار الزيارة التي استمرت أربعة أيام، أن مؤسسة ديلاموهير هي مؤسسة مبتكرة بشكل مذهل، مع تحفظ مهم وهو أنها لم تكن مبتكرة لمجرد الابتكار. لأن ما يحرك المؤسسة هو تلبية احتياجات عملائها؛ فهي تقوم فقط بتطبيق التغيرات التي تخدم هدفها لتحسين المنتجات والخدمات. كما  أنها تهتم بعملائها الداخليين (أي الموظفين) وكيفية تأثير أي تغييرات على عملهم اليومي. ولذلك تقوم المؤسسة بضمان وجود جميع الدورات التدريبية والموارد المناسبة، من أجل جعل هذه التغيرات تعمل لصالح العملاء.

 

تعلمنا عن نهج مؤسسة ديلاموهير في الابتكار والذي يجعل العميل محور الاهتمام من خلال نوعين رئيسيين من الاستثمارات هما: التحوّل الرقمي للعمليات وإدارة المعرفة.

 

الاستثمار في التحوّل الرقمي للعمليات

تقوم مؤسسة ديلاموهير بتغطية 92% من السوق في كولومبيا؛ بما في ذلك سكان المناطق الريفية المنتشرين في جميع أنحاء البلاد. وقد قام التحوّل الرقمي للعمليات بتوفير وسيلة لتخفيض الوقت في إجراءات طلبات القروض مع زيادة إنتاجية موظفي المؤسسة بشكل كبير.

وقد قامت المؤسسة بإدخال تطبيق للهاتف المحمول متزامن بالوقت الفعلي مع نظام المعلومات الإدارية الخاص بها. ويستطيع مسؤولي الاقراض الميدانيين عن طريق استخدام هذا التطبيق من إدخال معلومات العميل المحتمل وتلقي الردود الفورية عن تاريخ العميل مع المؤسسة ومعلومات التصنيف الائتماني وأي ديون مستحقة لم يتم دفعها. وبجانب تسريع عملية فحص جدارة طالبي القروض، فإن التطبيق يساعد مسؤولي الاقراض على تجنب زيادة التوقعات الخاصة بالعملاء المحتملين أو إضاعة الوقت الثمين الذي يمكن قضاؤه في العمل على نشاط مدرّ للدخل.

وقد تم تجربة التطبيق على مدى أربعة أشهر باستخدام أسلوب تغيير الإدارة من أعلى إلى أسفل: فقد تم طرحه أولا للمديرين الإقليميين ثم بالتوالي حتى الوصول إلى موظفي الفروع. وقد كانت التجربة ناجحة جدا، واستغرقت من مسؤولي الاقراض  15 يوما فقط من أجل التأقلم مع هذه التكنولوجيا. وأخيرا ، فإن التطبيق يتيح الفرصة للمؤسسة للاحتفاظ بسجل كامل لجميع تفاعلات مسؤولي الاقراض مع العميل، والذي يعتبر بمثابة مدخلا هاما لضمان تقديم خدمة متسقة للعملاء.

وقد كان توقيت جهود مؤسسة ديلاموهير الخاصة بالتحوّل الرقمي توقيتا في محله لمؤسسة لييد. لأن لييــد في منتصف تطويرعملياتها وتوجد مساحة لدمج  أفضل الممارسات على حسب الأولوية.

وبهذا الصدد ، قد أشار جورج شحاته، مدير التدريب والبحوث بمؤسسة لييد إلى قيمة هذا الاستثمار قائلا: "إن إدخال التحوّل الرقمي في عملية التقييم المالي والموافقة على القروض؛ يعتبر بمثابة ميزة للمؤسسة"؛ مما يؤدي إلى تحسين تجربة العملاء والموظفين عن طريق الحدّ من أوجه القصور المحتملة الناتجة عن عملية الفحص لكل من الموظفين والعملاء المحتملين.

الاستثمار في إدارة المعرفة

إن المشروعات الريفية تختلف بشكل كبير عن المشروعات في المناطق الحضرية. ولذلك، فإن المكوّن الهام في إقراض الشريحة الريفية؛ هو الفهم الجيد لطريقة عمل المشروعات الريفية. وقد أظهر تحليل المنافسة التي قامت به مؤسسة ديلاموهير؛ بأن الآخرين بالسوق يقومون بشكل كبير بعرض منتجات الاقراض بالمناطق الحضرية على القطاع الريفي بدون إجراء أي تغيير. وما هي النتيجة؟ ظل جزء كبير من سكان الريف تقدم لهم الخدمات المالية التى لا يحتاجونها. وبدراسة دقيقة للخدمة المناسبة لاحتياجات هذه الشريحة التي لم يتم تلبيتها، قامت مؤسسة ديلاموهير بالتركيز على ضرورة حصول مسؤولي الاقراض على المعلومات التي يحتاجونها من أجل إجراء تحليل مالي مناسب للأنشطة الريفية عن طريق التدريب واستخدام أدوات تعلم إضافية.

وركز التدريب الأولي على أنشطة إقليمية محددة وكذلك على طريقة عمل هذه الأنشطة في كل إقليم (مثل كيفية زراعة البن قد تختلف في إقليم سانتانديرعن إقليم أنتيوكيا). كما يوجد عنصر للتعليم المستمر يتم إجراؤه على مستوى الفروع ، حيث يقوم موظفو الفرع مجتمعين بوضع كشوف تقنية عن الأنشطة الريفية مثل: وضع نماذج للدورات الزراعية وتكاليف الإنتاج وأرقام مبيعات عامة مبنية على دراسة عينة مكونة من 10 أو 15 من العملاء. و يتم تحميل هذه الكشوف عبر الإنترنت وإتاحتها لجميع موظفي الفروع، مما يكوّن مكتبة حية للمعرفة حول أنشطة الإقراض الريفي. وتتيح هذه المكتبة الفرصة لموظفي المؤسسة بأن يكونوا خبراء وعلى دراية بطريقة عمل عملاء المؤسسة في تشغيل مشروعاتهم.

التعلم من الأقران بين وفد مؤسسة لييد المصرية ومؤسسة ديلاموهير الكولومبية. الشبكة المصرفية العالمية للمرأة 2017.

ومع استمرار مؤسسة لييد في تجربتها الخاصة بمنتج الأنشطة القروية في أوائل عام 2018 ، فقد تحمس فريق العمل بشأن وضع مكتبة مشابهة من أجل تكوين خبرة لموظفيها في السوق الجديد. وسوف تساعد هذه الأداة التعليمية مسؤولي الاقراض على فهم أفضل لأنشطة عملائهم والقيام بتقييمات مالية بشكل أكثر فعالية.

ضرورة اليقظة وسرعة الاستجابة

إن أهمية التقييم والتركيز أثناء تقديم أدوات أو إجراءات جديدة تؤدي إلى ظهور أهمية الوقت مرة أخرى خلال الزيارة. لأن كل من الاستثمارات المذكورة أعلاه لم تكن جهودا تم بذلها مرة واحدة من أجل إصلاح أحد المجالات التشغيلية لمؤسسة ديلاموهير. فهذه الجهود تمثل جزءا من عملية تطور تدريجي يؤدي إلى الابتكار، حيث تقوم المؤسسة بالتجربة ثم بالتقييم ثم بإجراء التغييرات كلما لزم الأمر.

لقد قامت المؤسسة أثناء التحوّل الرقمي للعمليات بتجربة مواد تدريبية تقوم بتحديثها باستمرار بناء على الفجوات في المعرفة والتغذية المرتدة التي تتلقاها من المشاركين.

إن مؤسسة ديلاموهيرعن طريق إدارة المعرفة؛ قد أدركت أن المنخرطين في الأنشطة الريفية هم أكثر الناس فهما لها. وتقوم المؤسسة بالتركيزعلى أهمية فهم كيفية تشغيل عملائها لمشروعاتهم ، والعوامل المؤثرة على نتائج أنشطتهم (مثل أسعار المدخلات وأسعار المبيعات وغيرها) ، وكذلك القيام بتقييم هذه العوامل بشكل منتظم من أجل فهم مدى تغير ذلك بمرور الوقت.

إن أهم عنصر في كل الابتكارات التي قامت بها المؤسسة هو التركيز على الابتكار المبني على احتياجات العملاء. ويوجد الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها من أجل زيادة الشمول المالي للمرأة، ليس فقط عن طريق التركيز على تصميم المنتج بل أيضا من خلال الدراسة المستمرة للأنشطة الإنتاجية للمرأة وتبسيط العمليات التشغيلية من أجل الوصول إليها.

تبادل الخبرات بين مؤسسة لييد المصرية ومؤسسة ديلاموهير الكولومبية. الشبكة المصرفية العالمية للمرأة 2017.

نبذة عن المؤسسات

تعتبر مؤسسة " ديلاموهير" واحدة من ثلاث مؤسسات أعضاء في الشبكة المصرفية العالمية للمرأة التي قامت بالاشتراك في مشروع " تطوير منتجات الإقراض الريفي بالتركيز على المرأة" والذي تم إطلاقه في عام 2012. وقد استهدف المشروع زيادة إمكانية الحصول على منتجات الاقراض لسكان المناطق الريفية وتسليط الضوء على المساهمة الاقتصادية للمرأة في عائلاتها. وبنهاية المشروع ، كان قد تم صرف أكثر من 60,000 قرضا بمتوسط 1,000 دولار ؛ بما في ذلك 30,000 قرضا لعملاء جدد. وقد تم تمويل المشروع بدعم من بنك التنمية لبلدان أمريكا اللاتينية والمعونة الأيرلندية ومنظمة هيفوس ومجموعة كريدي سويس وقد انتهى المشروع في نهاية عام 2014. إن مؤسسة ديلاموهير تقوم أيضا بتقديم منتجات اختيارية للتأمين الأصغر والتي تغطي أكثر من 90% من عملاء المؤسسة (أكثر من 350,000 عميلا).

مؤسسة "لييد" هي مؤسسة غير حكومية غير هادفة للربح مقرها مصر، وتتركز أعمالها في إتاحة الفرصة لكل عميل للتقدم إلى الأمام عن طريق الشراكة مع كل عميل، معتمدة على أسلوب مهني لفهم نشاط العميل لتقديم خدمات التمويل متناهي الصغر بشكل مناسب وبطريقة شفافة باستخدام وسائل اتصال بسيطة. وتقوم المؤسسة بخدمة أكثر من 200،000 عميلا. وبدعم من مؤسسة ميتلايف، قامت الشبكة المصرفية العالمية للمرأة بالعمل مع مؤسسة لييد من أجل تعزيز وتوسيع منتجاتها للإقراض الفردي؛ بما فيها التوسع القروي الذي تم إطلاقه في شهر يوليو/تموز من عام 2017. وبدعم من المؤسسة السويسرية  لبناء القدرات وشركة فيزا؛ قامت أيضا الشبكة المصرفية العالمية للمرأة بالتعاون مع مؤسسة لييد بتطوير وتوسيع نطاق منتج التأمين الأصغر.

 

 

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.