أسئلة وأجوبة عن إدارة الكوارث والأزمات

هناك بعض الخطوات الأساسية التي يجب على جميع المؤسسات تنفيذها لتكون على استعداد لمواجهة الأزمات، يأتي في مقدمتها وضع خطة الاستعداد لحالات الطوارئ. ولا يمكن التقليل من أهمية التخطيط المسبق. إن التفكير فيما يجب فعله خلال الأزمة وإعادة النظر في ذلك على أساس سنوي هو أمر في غاية الأهمية. ويصبح هذا التخطيط في غاية الأهمية خلال الأيام الثلاثة الأولى من وقوع الأزمة، وهو الوقت الذي تحدث فيه معظم الأخطاء. وفي إطار خطة الاستعداد، ينبغي وضع أنظمة لحماية أصول مؤسسة التمويل الأصغر، وينبغي أن تكون جميع الأصول المادية مؤمن عليها. كما يجب إعداد نسخ احتياطية من البيانات الضرورية والنظم ومصادر الطاقة من خلال أنظمة النسخ الاحتياطية واستعادة البيانات، وحفظ السجلات في أماكن آمنة خارج الموقع، والحفاظ على تنفيذ عمليات النسخ الاحتياطي خارج الموقع لنظام المعلومات الإدارية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي حماية الأصول النقدية عن طريق الحفاظ على معظم النقد في الحسابات المصرفية مع الإبقاء على الحد الأدنى من النقد في المكاتب الفرعية وحفظها في أوعية مقاومة للكوارث. وسوف تساعد هذه الخطوات الوقائية على إمكانية خروج مؤسسة التمويل الأصغر من الأزمة بسلام. ولكن حتى تتجاوز مؤسسات التمويل الأصغر مرحلة مجرد البقاء والاستمرار في النمو بعد وقوع الأزمات، يجب على مؤسسات التمويل الأصغر أيضا حماية أصولها المالية. وللتخفيف من مخاطر الخسائر في محفظة القروض عند وقوع الأزمات، ينصح بشدة تنويع محفظة القروض ـ من حيث أماكن وشرائح العملاء وأنواع القروض. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تقديم وترويج منتجات مالية للتخفيف من المخاطر مثل التأمين الأصغر والادخار يمكن أن يساعد كل من العملاء ومؤسسات التمويل الأصغر على الصمود في وجه العاصفة. ويتمثل أحد التحديات التي تواجه مؤسسات التمويل الأصغر في كثير من الأحيان بعد وقوع الأزمة مباشرة في الانخفاض الحاد في التدفق النقدي حيث يتوقف العملاء عن سداد القروض ويقومون بسحب مدخراتهم لتغطية نفقات المعيشة. وللتخفيف من حدة مخاطر التدفقات النقدية والسيولة، يجب على مؤسسات التمويل الأصغر التأكد من الاحتفاظ باحتياطيات كافية في البنوك. وبالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء خطوط ائتمان مسبقة مع البنوك، أو الترتيبات التي يتم إجراؤها مع البنوك أو المؤسسات الأخرى للحصول على مصادر أخرى للاقتراض في حالات الطوارئ مثل أدوات السيولة الطارئة، كل هذه الأمور هامة للحصول على الأموال سريعا. وتعتمد خطوات الاستعداد الإضافية على البيئة التي تعمل فيها مؤسسة التمويل الأصغر، ويجب أن يتم تحديدها من خلال تحليل المخاطر. فعلى سبيل المثال، إذا كانت المنطقة التي تعمل بها معرضة للكوارث المتكررة مثل الفيضانات الموسمية، فإن إنشاء صندوق للطوارئ للحصول على القروض الطارئة هو أيضا فكرة جيدة.

المصدر:  التمويل الأصغر وإدارة الأزمات، دليل تدريبي(إف دي سي ومؤسسة سيتي جروب 2006) - باللغة الإنجليزية

يمتلك التأمين الأصغر القدرة على أن يكون أداة مفيدة للتخفيف من حدة المخاطر وتوفير الحلول التي تساعد العملاء ومؤسسات التمويل الأصغر على حد سواء على التكيف مع الآثار الاقتصادية المدمرة الناجمة عن الأزمات.

ومع ذلك، عمليا التجارب الناجحة قليلة وأثبتت التجارب أن هناك تحديا كبيرا للغاية في بناء وتنفيذ منتجات تأمين أصغر عالية القيمة وبأسعار معقولة معدة خصيصا لمواجهة الأزمات. ويجب وضع عدة عوامل في حيز التنفيذ حتى تنجح مثل هذه المنتجات مثل إنشاء اتحاد كبير ومتنوع بين شركات التأمين لمواجهة الأزمات، والحد من تكاليف المعاملات والأقساط، وتقديم محفزات شفافة يمكن التحقق منها بسهولة، ونظم سريعة وفعالة للتعويضات. وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج مؤسسات التمويل الأصغر لموظفين متخصصين وإجراءات محاسبية متخصصة . تعتبر هذه الشروط المسبقة صعبة التحقيق بالنسبة لمعظم مؤسسات التمويل الأصغر، كما أنه قد يكون من الصعب جدا تحفيز الطلب على مثل هذا المنتج في المناطق التي تقع فيها الأزمات بشكل غير منتظم.

وربما يكون الانتشار الواسع والمتنوع هو أكبر التحديات على الإطلاق، وهو أمر حتمي حيث أن تصميم منتجات التأمين بأسعار معقولة يعتمد على عدم دفع المطالبات لجميع حاملي البوالص التأمينية دفعة واحدة، ولكن تؤثر الأزمات على جميع السكان في الأماكن التي تعمل فيها مؤسسات التمويل الأصغر. ولمعالجة هذه القضية، فمن الضروري إنشاء اتحادات وطنية أو بالأحرى عالمية لمواجهة الأزمات التي تغطي جميع المناطق الجغرافية وأنواع المخاطر المختلفة. ولهذا يصبح إعادة التأمين أمر بالغ الأهمية لأنه يمّكن شركات التأمين الصغيرة من تقاسم المخاطر مع اتحاد أوسع من شركات التأمين، وبالتالي يقلل من احتمالات تعرضهم للمخاطر وحصولهم على التمويل والخبرة الاكتوارية.

ونظرا لهذه التحديات الرئيسية، فمن الأفضل توخي الحذر عند النظر في استخدام التأمين الأصغر كأداة للإغاثة في حالات الأزمات الكبرى. وإذا ما قررت مؤسسات التمويل الأصغر تبني نهج التأمين الأصغر، فيوصى بإنشاء الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو إقامة التحالفات مع شركات التأمين وشركات إعادة التأمين نظرا للصعوبة البالغة التي تواجهها معظم مؤسسات التمويل في توفير خدمات التأمين وحدها. إن الدور المناسب الذي يمكن أن تلعبه مؤسسات التمويل الأصغر هو أن تعمل كوكيل لشركات التأمين. وتتحمل مؤسسات التمويل الأصغر مسئولية تجميع العملاء وتسويق المنتج، بينما تقوم شركات التأمين ذات السمعة الطيبة بتصميم المنتجات وتحديد أقساط التأمين ومتابعة مطالبات التأمين. 

لا يزال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به في هذا المجال، ولكن يمكن للشراكات بين القطاعين العام والخاص أو التحالفات مع شركات التأمين الإقليمي والعالمي أن تقود الطريق.

المصادر: 

تعد الوسيلة الأكثر أهمية والتي يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر من خلالها مساعدة العملاء على الاستعداد لمواجهة الأزمات هي الإقراض المسئول قبل وقوع الأزمة. وتتعرض المنظمات التي تطبق سياسات وإجراءات متراخية ومعايير ضعيفة للتوقيع على بوالص التأمين لأسوأ الأزمات بسبب الأزمات أو الصراعات المفاجأة، وعادة ما تضع هذه المنظمات عملائها في موضع أكثر عرضة للخطر وتعاني من أشد حالات التعثر في سداد المستحقات.

وبالإضافة إلى الإقراض المسئول، يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر أيضا مساعدة العملاء على الاستعداد لمواجهة الأزمات من خلال المدخرات. وإذا كانت مؤسسات التمويل الأصغر مصرح لها بتلقي الودائع، فيمكن لها دعم المدخرات بها من خلال آليات مختلفة تشمل ودائع إلزامية كجزء من عملية الموافقة على القرض والادخار الإجباري للمجموعات. ثم ينبغي أن تكون هذه المدخرات متاحة على الفور بعد وقوع الأزمة حتى لو كانت محتجزة في حسابات زمنية مغلقة، وذلك لمساعدة العملاء على التعافي من الأزمة دون الحاجة إلى الحصول على قروض إضافية.

أما بالنسبة لمؤسسات التمويل الأصغر التي لا يصرح لها بتلقي الودائع، فيمكن لها الاستمرار في دعم المدخرات في المؤسسات الأخرى من خلال ربط العملاء مع مؤسسات الادخار أو تدريب مجموعات معينة على كيفية حفظ المدخرات لآجال محددة والتأكد من أنها محفوظة في مؤسسة آمنة وحسنة السمعة.

ويمكن أيضا أن تكون التحويلات أحد الموارد الهامة، إلى جانب المدخرات، في مرحلة ما بعد الأزمة بالنسبة للعملاء في العديد من المجالات. وبالنسبة لمؤسسات التمويل الأصغر التي لديها عملاء يحصلون على تحويلات مالية معتادة، فمن المهم ربط هذه التحويلات المالية مع المدخرات حتى يمكن مساعدة العملاء على التكيف مع الأوضاع في حالة وقوع أزمة. وبالإضافة إلى ذلك، بالنسبة لمؤسسات التمويل الأصغر التي تقوم بعمليات التحويلات بنفسها، فمن المهم أن يكون هناك خطط احتياطية للتمكين من استمرار تلقي التحويلات المالية بعد وقوع الأزمة لهؤلاء العملاء الذين يعتمدون عليها. فبعد وقوع الأزمة، يجب على مؤسسات التمويل الأصغر تحديد أولويات الحصول على النسخ الاحتياطية لنظم المعلومات الخاصة بالتحويلات في أقرب وقت ممكن. 

أما في المناطق الأكثر عرضة للكوارث، فيمكن لقروض تحسين الإسكان مساعدة العملاء في جعل منازلهم أكثر مقاومة للكوارث وحماية ممتلكاتهم. ويمكن أن يصبح التأمين الأصغر أحد الموارد الأخرى التي يمكن أن تساعد العملاء على الصمود والتعافي من الأزمات، ولكنه يعاني من بعض القيود الرئيسية. انظر الأسئلة الأكثر شيوعا رقم 2 أعلاه.

على الرغم من اختلاف أشكال الأزمات ومؤسسات التمويل الأصغر، إلا أن هناك بعض الخطوات الأساسية التي يتعين على جميع مؤسسات التمويل الأصغر اتخاذها على الفور بعد وقوع الأزمة :

المرحلة الأولى: تقييم الوضع

  • التحقق من حجم الأزمة.
  • ضمان سلامة الموظفين وتلبية احتياجاتهم.
  • إجراء جرد للأصول الأساسية (البيانات والمرافق المادية والعمليات).
  • تشكيل فرقة إدارة الأزمات.
  • مراجعة خطة مواجهة الأزمات ومراجعة وتعديل سياسات مواجهة الأزمات.
  • إبلاغ الموظفين بالسياسات والإجراءات.
  • تقييم الأثر ـ الفحص المنتظم للعملاء مؤسسات التمويل الأصغر والبيئة.
  • تقييم حالة التدفق النقدي الفوري وضمان توافر إمدادات كافية من السيولة لتلبية احتياجات العملاء والمؤسسات في المستقبل القريب.
  • إدارة السيولة في المؤسسة والحصول على دعم من السيولة عند الحاجة.
  • إدارة المحفظة ـ استعراض سلامة محفظة القروض وتجنيب احتياطيات كافية لتغطية خسائر القروض المتوقعة.
  • النظر في الكيفية التي يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر من خلالها دعم جهود الإغاثة.

المرحلة الثانية : الرصد والتحليل

  • مراقبة ومتابعة مع العملاء.
  • تصميم تعديلات المنتج (مثل إعادة الجدولة وإعادة التمويل وتغيير منهجية الإقراض القائمة على المجموعات إلى الإقراض القائم على المسئولية الفردية).
  • طرح منتجات جديدة (مثل القروض في حالات الطوارئ والتأجير والمنح).

المرحلة الثالثة: التركيز على المدى المتوسط

  • فحص عروض منتجات التعافي من الأزمات ـ تطوير منتجات وأسواق جديدة كجزء من جهود إعادة الإعمار الشاملة.
  • تقييم السوق الجديدة / بيئة العميل وإعادة وضع الخطة الإستراتيجية / التنفيذية مع أخذ البيئة الجديدة في الاعتبار.
  • تقييم احتياجات المحفظة على المدى الطويل وتحديد مصادر التمويل اللازمة.

غالبا ما يتم تقديم قروض طارئة للعملاء لتغطية الاحتياجات الأساسية فور وقوع الأزمات، وأحيانا للمساعدة في استبدال الأصول المفقودة في الأزمة. 

ويجب على مؤسسات التمويل الأصغر أن تدرس بعناية، كل حالة على حده، الوقت الملائم لتقديم القرض الطارئ ومتى تصبح التدخلات الأخرى أكثر ملائمة. الأسئلة التي يجب على مؤسسات التمويل الأصغر أن تسألها هي: هل مازالت سبل العيش للعميل قائمة؟ هل لدى العميل مصدر حالي للدخل؟ وهل الأصول التي يجري استبدالها هي أصول جالبة للدخل؟ 

إذا كانت الإجابة على أي من هذه الأسئلة بالإيجاب، فيمكن أن يكون القرض الطارئ مناسبا لأن العميل لديه مصدر دخل يمكن من خلاله تسديد القرض. ولكن إذا كانت الإجابة بالنفي، فقد يكون القرض الطارئ غير مناسب ويمكن أن يؤدي إلى زيادة حجم دين العميل في نهاية المطاف. وفي مثل هذه الحالات، غالبا ما تكون المنح أو المساعدات الأخرى أفضل الخيارات.

بعد وقوع الأزمة، يجب على مؤسسات التمويل الأصغر تقييم تأثير هذه الأزمة على عملائها من حيث أصولهم والأنشطة المحققة للدخل وقدرتهم على سداد أي قروض مستحقة واحتياجات التعافي من الأزمة. وينبغي أن تبدأ عمليات التقييم في أقرب وقت ممكن ويجب أن تكون هذه العمليات مستمرة لأن التقديرات الأولية قد تكون أحيانا غير دقيقة ويمكن أن تتغير البيئة بسرعة كبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يكون من الصعب جدا تحديد موقع العملاء على الفور، لذلك فإن جمع البيانات قد تكون عملية تدريجية. ويمكن أيضا لمؤسسة التمويل الأصغر أن تختار القيام بتقييم سريع فورا، ثم تجري تقييم أكثر عمقا بعد ذلك.

في البداية، يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر استعراض الأخبار والتقارير الحكومية لتحديد المناطق الأكثر تضررا، ومن ثم متابعة الموقف عن طريق إجراء عمليات مسح بصرية من خلال الزيارات والجولات في المناطق المتضررة لتقييم حجم الأضرار الناجمة. ثم ينبغي إجراء عمليات مسح للعملاء كلما كان ذلك ممكنا للحصول على مزيد من المعلومات التفصيلية اللازمة لاتخاذ القرارات الهامة. ويجب على مؤسسات التمويل الأصغر أيضا حضور اجتماعات التنسيق بين الجهات المانحة / المنظمات غير الحكومية عند انعقادها، حيث أن هذا الوقت مهم لتبادل المعلومات. ويمكن لمؤسسات التمويل الأصغر التحقق مما إذا كانت هناك منظمات غير حكومية أخرى قامت بإجراء عمليات تقييم في المناطق المتواجدة فيها منعا لازدواجية وتكرار المعلومات. ومع ذلك، فقد أوصت الجهات الممارسة في مجال التمويل الأصغر المتضررة من الفيضانات في باكستان بشدة بأن تجري مؤسسات التمويل الأصغر تقييم العملاء بنفسها بدلا من الاعتماد على أطراف ثالثة أو الحكومة، لأن البيانات الخاصة بهم قد لا تقدم صورة دقيقة عن الموقف.

يجب أن تحدد المعلومات التي تم جمعها في عمليات مسح العملاء ما يلي:

  • كم عدد عملاء مؤسسة التمويل الأصغر الذين لحقت بهم الأضرار؟
  • مدى حدة الأضرار التي عانوا منها (الحياة ، والصحة ، والمنازل ، والأعمال التجارية)؟
  • ما هي اهتماماتهم المباشرة وما هو نوع المساعدة الفورية التي يحتاجون إليها؟
  • هل لديهم مصادر للدخل من شأنها مساعدتهم على تجاوز الأزمة؟
  • هل هم بحاجة إلى الحصول على النقد ـ سحب المدخرات والقروض الأخرى ، وما إلى ذلك؟
  • ما هو موقفهم تجاه وقدرتهم على الاستمرار في سداد مستحقات القروض الخاصة بهم؟

من المهم أيضا لمؤسسات التمويل الأصغر تقييم استراتيجيات تكيف العملاء مع الأزمات بحيث يمكن التأكد من أن احتياجات السداد على المدى القصير لن تخلق مشاكل على المدى الطويل.

وفي حين أن الغرض من عملية المسح الخاصة بالعملاء هو الحصول على معلومات الأكثر دقة لمؤسسة التمويل الأصغر، يجب على القائمين على إجراء المقابلات إظهار التعاطف تجاه الخسائر التي تكبدها العملاء والصعوبات التي تواجههم في الوقت الحالي. وينبغي عليهم التأكيد على أن مؤسسات التمويل الأصغر موجودة من أجل العميل وأنها تريد مساعدتهم على التعافي من آثار الأزمة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على القائمين على إجراء المقابلات الحرص على عدم رفع سقف التوقعات من الهدايا أو الإعفاء من الديون التي قد لا تكون وشيكة.

القاعدة العامة هنا هي ألا يكون هناك قواعد عامة. يجب تقييم جميع القروض على أساس كل حالة على حده. ويجب على مؤسسات التمويل الأصغر أن تكون على استعداد لإجراء تعديلات على القروض المقدمة للعملاء عند الضرورة وذلك لمساعدتهم على التعافي من آثار الأزمة والتأكيد على استمرار مؤسسات التمويل الأصغر في العمل.

فبعد وقوع الأزمة، غالبا ما يصبح العملاء غير قادرين على سداد القروض وفقا للجدول الزمني المحدد قبل الأزمة، ويتمثل رد مؤسسات التمويل الأصغر الأكثر شيوعا في إعادة هيكلة أو إعادة جدولة القروض. وينبغي أن تتم إعادة الهيكلة على الفور بعد وقوع الأزمة كما يجب أن يقتصر الأمر على المناطق الجغرافية المتضررة بشدة. وينبغي أن تعقد مؤسسات التمويل الأصغر اجتماعات مع العملاء لتقييم قدرتهم على السداد بعد وقوع الأزمة. وينبغي أن تستند قرارات إعادة جدولة أو إعادة هيكلة تسديد القرض على تقييم مفصل لخسائر العملاء المؤقتة من الدخل. 

ويمكن أن يكون إعادة التمويل، والذي يستلزم عادة استبدال القرض السابق بقرض أكبر، الخيار الأفضل بالنسبة للعملاء الذين فقدوا أصولهم الإنتاجية في مواجهة الأزمات ويحتاجون لقرض أكبر لاستبدال هذه الأصول. مرة أخرى، فإن إجراء تقييم مفصل لخسائر العملاء يعد أمر حاسم لتحديد إمكانية إعادة تمويل، وإذا كان الأمر كذلك، فمن ثم تحديد المبلغ وشروط القرض.

يجب أن يكون شطب القروض دائما الملاذ الأخير، حيث يمكن أن تتسبب عمليات الشطب في حدوث مشاكل خطيرة بالنسبة لمؤسسة التمويل الأصغر، سواء من حيث خفض رأس المال وتدهور ثقافة سداد الائتمان. وبعد وقوع الأزمة، يمكن أن تقوم مؤسسات التمويل الأصغر بإعادة النظر في تغيير سياستها العادية لإتاحة مزيد من الوقت قبل أن يتم شطب القروض. وبالطبع، يجب أن تكون المؤسسات على استعداد لشطب القروض التي تبدو فعلا غير قابلة للتحصيل، بسبب الوفاة أو اختفاء العملاء على سبيل المثال. 

تكافح العديد من مؤسسات التمويل الأصغر للتعامل مع هذه القضية ذلك أن هذه المؤسسات تمتلك قدرة أكبر للوصول إلى السكان المتضررين في بعض الأحيان وتقديم جهود الإغاثة ويمكن أن تضغط الجهات المانحة عليها بشدة لتقديم المساعدة. وبالإضافة إلى ذلك، غالبا ما ترغب مؤسسات التمويل الأصغر في المساعدة في جهود الإغاثة لأن مجتمعاتها هي التي تأثرت. ومع ذلك، يجب على هذه المؤسسات توخي الحذر بشأن المشاركة في الأنشطة التي تقع خارج نطاق خبراتها.

وعموما، يمكن بل يجب على مؤسسات التمويل الأصغر المشاركة في عمليات الإغاثة، وينبغي عليها القيام بذلك فور وقوع الأزمة. وتتضمن المجالات التي يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر تقدم مساعدات قيمة فيها إجراء التقييمات، وتحديد السكان المتضررين، ومساعدة منظمات الإغاثة في عمليات التوزيع خلال المراحل الأولى من جهود الإغاثة. وبما أن العملاء يعرفون مؤسسات التمويل الأصغر ويثقون فيها، فهي قادرة أيضا على تقديم خدمات جليلة في شرح الخيارات المختلفة المتاحة لعمليات الإغاثة ومساعدة العملاء على الحصول على المساعدة التي يحتاجونها. كما يمكن أن تعمل مؤسسات التمويل الأصغر أيضا كمصدر للمعلومات عن الضحايا.

وينبغي ألا تظل مؤسسات التمويل الأصغر تشارك في جهود الإغاثة غير المالية على المدى الطويل، وينبغي عليها التأكد من تقديم عمليات الإغاثة التي تقع في نطاق قدرتها من حيث الموارد المالية والبشرية. كما أنه لا يوصى بأن تشارك مؤسسات التمويل الأصغر أكثر من اللازم في جهود الإغاثة التي تقع خارج نطاق خبراتها، مثل مخيمات التشغيل.

المخاطرة في الانغماس في جهود الإغاثة هي أن صورة مؤسسات التمويل الأصغر قد تقترن في ذهن السكان بالأعمال الخيرية، وهو تطور قد يقوض سمعتها بوصفها مؤسسة مالية تحتاج إلى سداد قيمة القروض التي تقدمها. وفي حين أن مؤسسات التمويل الأصغر التي لها وجود طويل الأمد في منطقة ما عادة لا تواجهه مثل هذه المشكلة، إلا أن هذا قد يشكل خطرا كبيرا بالنسبة للشركات الجديدة المبتدئة. ولهذا السبب، فإن مؤسسات التمويل الأصغر الجديدة والأصغر حجما غالبا ما تكون أفضل حالا في إقامة شراكة مع الآخرين في جهود الإغاثة.

وفي النهاية، يجب على مؤسسات التمويل الأصغر أن تشارك في جهود الإغاثة لإظهار اهتمامها بالمجتمع. ويجب أن تنطوي القرارات حول كيفية وموعد تقديم الإغاثة على إيجاد أفضل التوازنات بين إظهار الالتزام تجاه المجتمع من ناحية، والحفاظ على السمعة التجارية القوية باعتبارها مؤسسة إقراض من جهة أخرى.

من الواضح أن الجهات المانحة والحكومة تلعب أدوارا هامة بعد وقوع الأزمات، بدءا من دعم جهود الإغاثة الفورية ووصولا بالبناء والتعمير والتنمية طويلة الأمد. وعندما يتعلق الأمر بالتمويل الأصغر، ينبغي أن يكون أحد المجالات الرئيسية للتركيز هو المساعدة في تنسيق البيئة الكاملة لما بعد الأزمة، والتي يمكن أن تنطوي على مجموعة مربكة من المؤسسات الكبيرة والصغيرة، المحلية والدولية، العامة والخاصة. ويمكن للجهات المانحة والحكومة تقديم المساعدة عن طريق التأكد من أن جهود الإغاثة الكافية تصل إلى العملاء وإقامة توازن بين حجم المبالغ المقدمة لكل نوع من أنواع التدخل.

الدور الآخر الذي يمكن للحكومة والجهات المانحة أن تلعبه في مجال التمويل الأصغر بعد وقوع الأزمات هو دعم السيولة. وثمة سؤال يطرح للممولين وهو هل يتم إعادة تمويل مؤسسات التمويل الأصغر إذا خسروا السيولة المتاحة لديهم. وقد تنظر الحكومات في توفير فرص الحصول على السيولة من البنك المركزي.

ومع ذلك، ينبغي التعامل مع قضية دعم السيولة النقدية بشيء من الحذر، ذلك أن الاحتياجات ليست دائما واضحة فور وقوع الأزمة. وفي حالة فيضانات باكستان عام 2010، بالغت مؤسسات التمويل الأصغر في تقدير احتياجات السيولة لديها بشكل ملحوظ. ويعتمد الحل على سوق التمويل الأصغر في بلد أو منطقة معينة بشكل أساسي. وإذا كان القطاع قويا جدا، لا يوجد خطر حقيقي في المشاركة مع جهة مانحة تقدم المساعدات لإعادة التمويل. غير أنه إذا كانت أسواق التمويل الأصغر ضعيفة، فيمكن أن تعزز الممارسات الضعيفة وتحفز الاعتماد على الغير.

إن الخيار الأفضل هو إنشاء صناديق للتخفيف من حدة المخاطر أو مرافق للسيولة الطارئة مقدماً كلما أمكن ذلك. ويجب على مؤسسات التمويل الأصغر أن تفي بمتطلبات معينة للمشاركة في هذه الأنواع من التمويل، ومن ثم يكون لها إمكانية الحصول على السيولة في الحالات الطارئة. في عام 2004، تم إعداد مرفق للسيولة الطارئة لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وهو ما يعطي مثال على أفضل الممارسات لهذا النوع من المبادرات.

المجال الآخر الذي يمكن للمانحين المساهمة من خلاله في تعافي مؤسسات التمويل الأصغر بعد وقوع الأزمات هو بناء القدرات. فبدلا من مجرد تحرير الشيكات لتوفير السيولة لما بعد الأزمة، يمكن للجهات المانحة تقديم الدعم لمساعدة مؤسسات التمويل الأصغر في بناء قدراتها الداخلية لإدارة والتخطيط لمواجهة الأزمات.

ويمكن أن يساعد الدعم الفني المقدم لمساعدة مؤسسات التمويل الأصغر في تطوير منتجات الادخار والتحويلات لكل من العملاء ومؤسسات التمويل الأصغر على تحمل الآثار الناجمة عن الأزمات.

ويمكن للحكومة والجهات المانحة أيضا أن تلعب دورا مهما في التخفيف من مخاطر ا الأزمات. وتعطي برامج نقل المخاطر المدعومة من المانحين مزايا للبلدان النامية من خلال تحسين قدراتها على الاستجابة للكوارث، وللجهات المانحة عن طريق تقليل الحاجة طويلة الأمد للحصول على المساعدة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تدعم الجهات المانحة برامج التأمين المستدام للعملاء الذين لا تخدمهم سوق التأمين التجارية.

وعلى الرغم أن هناك العديد من الأدوار الحاسمة التي يمكن أن تضطلع بها الجهات المانحة والحكومة في مرحلة ما بعد الأزمة، إلا أن هناك أيضا بعض المحاذير الهامة التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند الشروع في مثل هذا العمل. يجب على الممولين الحذر من عدم الضغط على مؤسسات التمويل الأصغر للقيام بعمل يقع خارج نطاق أعمالهم الأساسية، حيث أن هذه المؤسسات لن تكون الخيار الأفضل لمثل هذه الأنشطة. الضغط يعد قضية هامة بالنسبة لمؤسسات التمويل الأصغر عندما يتعلق الأمر بالتمويل الأصغر لمرحلة ما بعد الأزمة.

وغالبا ما تكون بيئة ما بعد الأزمة مشحونة سياسيا، ويمكن أن يساء استخدامها لكسب الولاء السياسي أو الأصوات. ويتعين على الحكومات أن تحرص على عدم خلط المحسوبية السياسية مع الأنشطة الاقتصادية، وهو مزيج يمكن أن يحدث آثارا ضارة على المدى البعيد.

وينبغي أيضا على المانحين تجنب تقديم الدعم المادي الذي قد يؤدي إلى تشويه السوق وإحداث نوع من البلبلة بين العملاء. ويجب تصميم البرامج بعناية للتأكد من أنها تعزز الحصول على الائتمان على المدى الطويل، وليس تقويضه. وتمثل وثيقة معايير الحد الأدني للإنتعاش الإقتصادي بعد الأزمات لشبكة سيب مرجعا جيدا مع المبادئ التوجيهية لتجنب تشوهات السوق. 

بين التمويل الأصغر بعد وقوع الأزمات الطبيعية والتمويل الأصغر بعد انتهاء الصراعات الكثير من القواسم المشتركة من حيث أنواع المنتجات اللازمة لمساعدة العملاء على إعادة سبل معيشتهم وإعادة بناء منازلهم. ومع ذلك، فهناك بعض الاختلافات الرئيسية بين البيئتين تؤثر على كيفية تناول مؤسسات التمويل الأصغر لهذا العمل.

التأثير الأساسي لهذين النوعين من الأزمات مختلف تماما، فبعد وقوع الأزمة الطبيعية، يتجاوز التأثير الرئيسي عادة الأضرار المادية، مما يتطلب إعادة البناء المكثف للأصول المادية، والنزوح المحتمل للسكان. وبينما تسبب النزاعات أيضا أضرارا مادية وتؤدي إلى تشريد السكان، إلا أن الآثار المترتبة على النزاعات أعمق بكثير وأطول زمنا. وتؤدي الصراعات إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، الأمر الذي يؤدي إلى غرس عدم الثقة بين الجماعات المختلفة وخلق الحاجة لإعادة أعمار المجتمع نفسه على نطاق واسع، فضلا عن أصوله المادية. وفي المقابل، يمكن أن تساعد الأزمات الطبيعية في بعض الأحيان على لم شمل المواطنين، مما يؤدي إلى وجود بيئتين مختلفتين تماما عن بعضهما البعض.

إن المخاوف الأمنية الجديدة والصدمات الاجتماعية الناجمة عن الصراع تجعل توفير التمويل الأصغر في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع أكثر صعوبة من العمل في بيئة ما بعد الأزمات الطبيعية. فبعد وقوع الأزمات الطبيعية، تتجه المنظمات إلى الاندفاع لمساعدة الضحايا على الفور والبدء في جهود إعادة البناء والانتعاش في أقرب وقت ممكن. أما بعد انتهاء الصراع، وفي ظل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالوقت، تحتاج مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة إلى تحليل البيئة بعناية لتحديد ما إذا كان الحد الأدنى من الشروط أو الشروط "الضرورية" مهيأة لتقديم التمويل الأصغر. وغالبا ما تتضمن هذه الشروط ما يلي:

  1. أنشطة اقتصادية يمكن لها الاستفادة من خدمات الائتمان،
  2. مجموعة مستقرة نسبيا من العملاء، و
  3. درجة معينة من الاستقرار السياسي.

وعلى الرغم من إمكانية تطبيق البندين الأولين على مرحلة ما بعد وقوع الأزمة الطبيعية، إلا أن الشرط الأخير الخاص بالاستقرار السياسي هو القضية الرئيسية بالنسبة لأوضاع ما بعد الصراعات، ويحتاج دائما إلى تقييم دقيق.

كما يواجه التمويل الأصغر بعد انتهاء الصراعات تحديات كبيرة في مجال الموارد البشرية في كثير من الأحيان. ويمكن أن ينخفض رأس المال البشري انخفاضا حادا خاصة بعد الصراعات الطويلة، مما يجعل من التوظيف وتطوير المؤسسات أمر في غاية الصعوبة. وعموما، يمكن أن يستغرق التعافي وقتا أطول بعد انتهاء الصراع، بينما يبدأ المجتمع في عملية المصالحة وإعادة البناء ببطء، ويمكن أن يعاني من نكسات إذا كان الوضع السياسي غير مستقر.

المصادر: 

التمويل الأصغر في أعقاب النزاع : التحديات والفرص (الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، 1998) - باللغة الإنجليزية 

التمويل الأصغر أثناء وبعد النزاعات المسلحة: الدروس المستفادة من أنغولا وكمبوديا وموزامبيق ورواندا (كونسيرن وورليدوايد 2002) - باللغة الإنجليزية 

التمويل الأصغر هو مجرد أداة ضمن العديد من الأدوات اللازمة للتعافي من الأزمات، لأن التمويل الأصغر بمفرده لا يتعامل مع جميع القضايا الخاصة بسبل العيش والانتعاش الاقتصادي التي يجب التصدي لها. وفي حين أن الخدمات المالية هامة بكل تأكيد، إلا أنها ليست سوى جزء صغير مما هو مطلوب لمساعدة ضحايا الأزمات على التعافي. إن الخدمات الطبية، وتوزيع الغذاء، وتوفير المأوى المؤقت، وإعادة بناء البنية التحتية، وغيرها من جهود الإغاثة الفورية، كلها خدمات هامة لمرحلة ما بعد وقوع الأزمة ولكن مؤسسات التمويل الأصغر ليست في وضع يؤهلها لتقديم مثل هذه الخدمات.

وعند التعامل مع بيئة ما بعد انتهاء الصراع، قد تكون القيود المفروضة على التمويل أكبر. إن التمويل الأصغر ليس أداة لبناء السلام أو المصالحة، وقد ينطوي الأمر على مخاطر كبيرة إذا بنيت عليه توقعات كبيرة وشديدة المثالية. ومع استمرار حالة عدم استقرار الظروف الأمنية، فقد لا يكون التمويل الأصغر هو التدخل المناسب على الإطلاق.

التمويل الأصغر هو أداة مالية يمكن أن تساعد على التعافي الاقتصادي على مستوى الأسرة والعمل، وهي الأداة الأكثر نجاحا عند تنفيذها مع وجود توقعات واقعية عن آثاره.